للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فوائد من تحذير يعقوب ليوسف من إظهار رؤياه لإخوته]

قال المهايمي: من فوائد هذا المقام: استحباب كتمان السر، أي: يؤخذ من هذه من هذا الموقف بين يوسف عليه السلام وأبيه استحباب كتمان السر.

وجواز التحذير من شخص بعينه، وقد صح عن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (استعينوا على إنجاح حوائجكم بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود).

وجواز أيضاً مدح الشخص في وجهه إذا لم يضره، واعتبار الأخذ بالأسباب كما قال يعقوب لولده يوسف: {قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} [يوسف:٥] فاعتبر الأخذ بالأسباب بأن نصح ابنه بكتمان هذه الرؤيا.

((فيكيدوا لك كيداً)) حتى إن السبب لم يدفع عن يوسف كيد إخوانه.

فيعتبر السبب وإن لم يؤثر، وكذلك جواز تعبير رؤيا الصغير لأن الصغير قد يرى رؤيا حق.

على أي الأحوال الإخبار عن هذه الرؤيا آية، وعما ترتب عليها آيات.

ثم ذكر القاسمي بحثاً مطولاً نقلاً عن الإمام الراغب الأصفهاني في كتابه (الذريعة) عن الرؤيا، وكذلك عن ابن خلدون، فنتجاوز هذين البحثين إلى قوله: وذكر ابن خلدون رحمه الله عند بحث علم تعبير الرؤيا: أن التعبير للرؤيا كان موجوداً عند السلف كما هو في الخلف، وأن يوسف الصديق صلوات الله عليه كان يعبر الرؤيا كما وقع في القرآن الكريم، وكذلك ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر رضي الله تعالى عنه كما في الحديث: (أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً).

إذاً: المرئي منه ما يكون صريحاً لا يفتقر إلى تعبير، كأن تكون رؤيا جلية واضحة، ومنه ما يحتاج إلى معبر.

وهذا علم له أصوله وله قواعده، فلا ينبغي للإنسان أن يتجاسر على تعبير الرؤيا؛ لأنها جزء من الوحي كما في الحديث: (هي جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة) فلذلك كان بعض المعبرين أو بعض العلماء يمتنع من التعبير ويقول: أتريد أن أكذب في الوحي.

وقد كانت الرؤيا الصادقة من الإرهاصات التي تقدمت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح).