للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم)]

{وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:٦٨].

((وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ)) أي: من الأبواب المتفرقة: ((مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ)) أي: ما كان ذلك الدخول يغني عنهم ((مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا)) أي: أبداها.

((وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ)) أي: علم جليل لتعليمنا إياه بالوحي ونصب الأدلة حيث لم يعتقد أن الحذر يدفع القدر وأن التدبير له حظ من التأثير، يعني: الإنسان له أن يأخذ بالأسباب، لكن لا يتعلق بالأسباب وإنما يتعلق بمسبب الأسباب وهو الله سبحانه وتعالى، ولقد مدحه الله سبحانه وتعالى بهذا المسلك رغم أنه قال لهم: ((يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة)) -أي: خذوا بالأسباب-؛ إلا أنه استدرك فقال: ((وما أغني عنكم من الله من شيء)).

((وإنه لذو علم لما علمناه)) هنا توكيد بإن وباللام، ونكر أيضاً العلم، وعلل بالتعليم بقوله: ((لما علمناه)) والتعليم مسند إلى ذات الله عز وجل، ففي ذلك من الدلالة على علو شأن يعقوب عليه السلام وعلو مرتبة علمه وفخامته ما لا يخفى، أفاده أبو السعود.

((وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)) أي: فيظنون الأسباب مؤثرات.