للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شروط العمل الصالح]

هناك بعض الشروط التي لابد منها في العمل لكي يكون صالحاً: الشرط الأول: أن يكون مطابقاً لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فيعبد الله بما شرع ولا يعبده بالبدعة، ولابد أن تتقرب إلى الله بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فكل عمل مخالف لما جاء به صلوات الله وسلامه عليه فليس بصالح بل هو باطل، قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:٧]، وقال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء:٨٠]، وقال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:٣١]، وقال: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف:١٥٨]، وقال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:٢١]، إلى آخر الآية، فلابد من شرط المتابعة.

الشرط الثاني: أن يكون العامل مخلصاً في عمله بالله فيما بينه وبين الله تعالى، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة:٥]، وقال تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي * فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} [الزمر:١١ - ١٥].

الشرط الثالث: أن يكون العمل مبنياً على أساس الإيمان والعقيدة الصحيحة؛ لأن العمل كالسقف والعقيدة كالأساس، وإذا لم توجد العقيدة انهار السقف، كالروح في البدن إذا خرجت منه أصبحت لا قيمة لك ولا للجوارح الموجودة، فالعمل بدون إيمان، كما قال تبارك وتعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [النحل:٩٧] فقيده بالإيمان.

فالعمل الصالح لا يكون مقبولاً ونافعاً في الآخرة إلا بأن يكون مؤسساً على العقيدة الصحيحة، أما الكافر فمهما عمل من الأعمال الخيرية أو الحسنة فإنه لا يثاب عليها في الآخرة على الإطلاق، قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان:٢٣]، تحبط كل أعمالهم في الآخرة، وقد يثابون في الدنيا إذا شاء الله ذلك؛ لأنها جنة الكافر، فيثاب الكافر بالعافية وبكثرة الولد والرزق وغير ذلك من أنواع التخفيف عن هذا الكافر في الدنيا فقط؛ لأنه المكان الوحيد الذي يمكن أن يثاب فيه، أما في الآخرة فلا يمكن أن ينفعه أي عمل بدون إيمان.

فقوله: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل:٩٧]، مفهومه: أن من لم يكن مؤمناً لا ينفعه عمله، وصرح به في قوله تبارك وتعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان:٢٣]، وفي قوله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [النور:٣٩] وقوله عز وجل: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ) [إبراهيم:١٨]، إلى غير ذلك من الآيات الكريمات.