للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم)]

قال سبحانه وتعالى: {فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ} [الزخرف:٦٥] أي: اختلفت الفرق المتحزبة اختلافاً نشأ من بينهم، ولم ينشأ الاختلاف من كلام الله، ولا من كلام عيسى، وإنما نشأ من بينهم هم، فهم الذين اختلفوا في الحق ظلماً وعناداً.

((فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ)) أي: مؤلم من شدة الأهوال وكثرة الفضائح، وظلمهم بترك النظر في الدلائل العقلية والنقلية.

((فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ)) ولا بد من تفسير الذين ظلموا بالذين كفروا، وفي القرآن يطلق الظلم على الظلم الأكبر: الكفر والشرك، ويطلق كذلك على ظلم دون ظلم وهو المعصية، فهنا لا بد من تفسير ظلموا بالذين كفروا، بدليل ما جاء في سورة مريم: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [مريم:٣٧] في نفس المناسبة، وقال تبارك وتعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:١٣]، وقال أيضاً: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة:٢٥٤]، وقال عز وجل: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} [يونس:١٠٦]، وقال عز وجل: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام:٨٢]، وقد جاء في الحديث تعيين الظلم هنا بأنه الشرك.