للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وصية الأنبياء لبنهيم عند الموت]

قال الله على لسان كل من إبراهيم ويعقوب عليهما السلام: (يا بني إن الله اصطفى لكم الدين) يعني: أعطاكم الدين الذي هو صفوة الأديان، وهو دين الإسلام الذي لا دين غيره عند الله تبارك وتعالى، كما قال عز وجل: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران:١٩]، وقال أيضاً: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:٨٥].

{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ} [البقرة:١٣٢]، بما أن الله سبحانه وتعالى اختاره لكم، وأعطاكم الدين الذي هو صفوة الأديان، ولا دين غيره عند الله تبارك وتعالى، فإنه يتسبب عن هذا الاصطفاء أني أقول لكم وأوصيكم: (فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) فالفاء في (فلا) سببية، يعني تسبب عن هذا الاصطفاء لهذا الدين أنني الآن أوصيكم بهذه الوصية: (لا تموتن إلا وأنتم مسلمون)، والمعنى: الزموا الإسلام -لأن الموت ليس بأيدينا- واثبتوا على الإسلام، فإذا أدرككم الموت صادفكم وأنتم ثابتون على الإسلام.

فالمقصود النهي عن حال بخلاف حال الإسلام وقت الموت، نظير ذلك قوله: لا تصل إلا وأنت خاشع، هل هذا نهي عن الصلاة؟ ليس نهياً عن الصلاة، ولكنك تنهاه عن ترك الخشوع في حال الصلاة، فهذه إشارة إلى أن الموت على حال غير حال الثبات على الإسلام موت لا خير فيه، وأنه ليس بموت السعداء، كما تقول في الأمر: مت وأنت شهيد، فليس مرادك الأمر بالموت، ولكن أن يكون على صفة الشهداء إذا مات، وهذه أشرف ميتة ينبغي أن يموت عليها الإنسان إذا أتاه الموت، وهي أن يموت على صفة الشهداء؛ لأن لها فضلية على غيرها.

وقد قرر سبحانه وتعالى بهذه الآيات بطلان ما عليه المتعنتون من اليهودية والنصرانية، وبرأ خليله والأنبياء من ذلك.