للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ولكل درجات مما عملوا)]

قال تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [الأحقاف:١٩].

(ولكل): هذا تنوين تعويض عن اسم، وهو ما يضاف إلى (كل)، والمعنى: ولكل فريق من الفريقين المذكورين المؤمنين والكفار.

والإشارة إلى الفريقين في قوله: (ولكل درجات مما عملوا) هي إشارة إلى الطرفين المذكورين: الفريق الأول: الذين قال تعالى فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأحقاف:١٣ - ١٤]، إلى قوله: {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} [الأحقاف:١٥ - ١٦]، هذا هو الفريق الأول.

والفريق الثاني: (والذي قال لوالديه أف لكما) إلخ.

(ولكل درجات مما عملوا) أي: منازل ومراتب بحسب ما اكتسبوه من إيمان وكفر، فيتفاضل أهل الجنة في الكرامة وأهل النار في العذاب، فإن درجات الجنة تذهب علواً، كلما ارتفعت تكون أعلى، ودركات النار تذهب إلى أسفل، فالجنة درجات كما أن النار دركات.

(ولكل درجات مما عملوا) أي: مراتب من جزاء ما عملوا من صالح وسيئ، (وليوفيهم أعمالهم) أي: جزاءها، (وهم لا يظلمون)، بنقص ثواب ولا زيادة عقاب.