للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فتح القسطنطينية ورومية]

عن أبي قبيل قال: كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما وسئل: أي المدينتين تفتح أولاً القسطنطينية أو رومية؟ -رومية هي روما عاصمة إيطاليا- فدعا عبد الله بصندوق له حلق فأخرج منه كتاباً، فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي المدينتين تفتح أولاً قسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مدينة هرقل تفتح أولاً)، يعني: قسطنطينية، وقد تحقق الفتح الأول على يد محمد الفاتح العثماني بعد أكثر من ثمانمائة سنة من إخبار النبي صلى الله عليه وسلم، وسيتحقق الفتح الثاني بإذن الله تعالى ولا بد، {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} [ص:٨٨].

فنحن ليس بيننا خلاف بأن هذا سوف يقع، لكن المشكلة أننا لا نفكر بهذه الأمور دائماً، ونظن أن السنن تحابينا، فيوجد ربط غير طبيعي عند بعض الناس، يقول بعضهم مثلاً: لعل أمريكا تنهار الأرض بهم، وكذا وكذا، وعند ذلك ينتصر المسلمون! يعني ننتظر مجرد انهيارهم، لا، هذا لا يكفي حتى يظهر المسلمون، لابد للمسلمين أيضاً أن يشتغلوا بالبناء، وأن يأخذوا بأسباب القوة، أما أن نبقى نقول: إن أمريكا سيحدث فيها كذا وكذا، وإنها سوف تنهار، وبعضهم يتوقع خراب العالم، وأنه ستحصل حرب نووية تدمر البشرية! لماذا نحن المسلمين نكون هكذا؟! لابد من المواجهة، والعمل بالأسباب الحقيقية التي ينبغي على المسلمين أن يأخذوا بها، فالسنن لا تحابي أحداً، الكافر إذا أراد أن يزرع الأرض، فحرثها ونقاها وسقاها بالماء ووضع فيها البذور السليمة وتعاهدها إلى أن نبتت؛ هل الأرض تقول له: أنت كافر، ولن أنبت لك؟! لا، وهل المؤمن ستقول له الأرض: لأنك مؤمن سوف أكرمك وأوتيك الثمار بدون أسباب؟ لا، هذا خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فالربط بين انهيار الغرب وبين تحقق وعود المسلمين خطأ، فلابد من الأخذ بالأسباب كالآخرين.