للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم)]

يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [التحريم:٧].

أي: يقال لهم ذلك عند دخولهم النار، فالمراد باليوم وقت دخولهم إياها، فتعريفه للعهد، أي: معروف أن هذا اليوم هو يوم القيامة.

وجاء النهي عن الاعتذار لأنه لا عذر لهم، أو أن العذر لا ينفعهم، ولم يبين هنا نوع الاعتذار الذي نهوا عنه، ولا سبب النهي عنه ولا زمنه، وقد بينت آية أخرى نوع الاعتذار، يقول الله تعالى: {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ} [الأعراف:٣٨]، هذا هو الاعتذار، ويقول تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ * انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِم} [الأنعام:٢٣ - ٢٤]، وقال بعدها: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام:٢٧] فهذا النوع غاية في الاعتذار.

ولكنهم نهوا عن ذلك يوم القيامة، لأن هذا الاعتذار لا ينفعهم، وذلك بقوله: ((لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ)) كما قال تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لا يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} [الروم:٥٧] وقال تعالى: {يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [غافر:٥٢].