للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري)]

قال تعالى: {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة:٨] قوله: (عدن) تعني: إقامة، فمعدن الشيء مستقره ومركزه الذي يوجد فيه، فمعنى قوله: ((جَنَّاتُ عَدْنٍ)) أي: جنات إقامة.

قوله: (رضي الله عنهم) أي: بما أطاعوه في الدنيا، وعملوا في خلوصهم من عقابه، ((وَرَضُوا عَنْهُ)) أي: رضوا عن ثوابه تبارك وتعالى، ولا شك أن مقام رضا الله تعالى عنهم أعلى مما أوتوه من النعيم المقيم، والدليل قوله: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [التوبة:٧٢]، فهذا النعيم أعظم بكثير من كل ما أوتوه من النعيم، ((ذَلِكَ)) أي: هذا الجزاء ((لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [الملك:١٢]، قوله: (لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) أي: خاف الله تعالى في الدنيا في سره وعلانيته، فاتقاه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه، فإن الخشية ملاك السعادة الحقيقية.