للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فوائد من قوله تعالى: (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء)]

هنا بعض الفوائد منها: الأولى: إيراد صيغة الجمع في الآية مع كون قائلها شخص واحد: ((لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا)) فتكلم عن هذا الواحد بصيغة الجمع؛ لرضا الباقين بذلك، ونظائره في التنزيل كثيرة.

الثانية: إضافة عذاب الحريق إضافة بيانية، بمعنى: ذوقوا العذاب الذي هو الحريق.

حاسة الذوق تكون لإدراك الطعم، ثم اتسع فيه لإدراك سائر المحسوسات والحالات، وذكره هاهنا لأن العذاب مترتب على قولهم الناشئ عن البخل والتهالك على المال، وغالب حاجة الإنسان إليه هي تحصيل المطاعم، فالذي دفعهم إلى قولهم: ((إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ)) هو بخلهم، فهم يبخلون بأن يؤتوا مما آتاهم الله من فضله.

المال إنما يقصد بصفة أساسية من أجل أن يأكل الإنسان منه، فأهم شيء عند الإنسان من تحصيل المال هو الطعام؛ فلذلك هم يتهالكون على هذا المال خوفاً من فقدان هذا الطعام، ولذلك كثر ذكر الأكل مع المال؛ لأن أغلب استعمالات المال هي في الطعام.

كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء:١٠] وقوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة:١٨٨].