للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نصيب كل من الزوج والزوجة من بعضهما مع وجود الأولاد وعدمهم]

قوله تعالى: (ولكم نصف ما ترك أزواجكم) يعني: من المال.

(إن لم يكن لهن ولد) يعني: ذكر أو أنثى منكم أو من غيركم، فكلمة (ولد) هنا تشمل الولد منكم أو من أزواج آخرين غيركم، سواء كان هؤلاء الأولاد ذكوراً أم إناثاً.

(فإن كان لهن ولد) يعني: على هذا النحو الذي فصلناه {فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ}، أي: من المال، والباقي لباقي الورثة.

{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}، أي: من بعد استخراج وصيتهن، ومن بعد قضاء دينهن.

{وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ}، يعني: من المال.

{إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ}، ذكر أو أنثى منهن أو من غيرهن.

{فإن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ))، على النحو الذي فصلنا سابقاً.

أي: ذكر أو أنثى، {فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ}، يعني: هذا نوع من الحجب، وهو حجب نقصان، لا حجب إسقاط.

{فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}، وفي إعادة ذكر الوصية والدين دليل على الاعتناء بشأنهما ما لا يخفى، أي: تعظيم لشأن الوصية والدين، وقد سألنا من قبل: أيهما يكون مقدماً على الآخر الدين أم الوصية؟ فقلنا: يقدم الدين، لكن الله سبحانه وتعالى هنا قدم ذكر الوصية على الدين؛ للتنبيه إلى عظم شأنها والاهتمام بها.

وفي الآية ما يدل على فضل الرجال على النساء، فإذا تأملتم في الآية فستجدون أن الله سبحانه وتعالى ذكر الرجال على سبيل المخاطبة، وذكر النساء على سبيل المغايبة، انظر إلى قوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ}، فخاطب الرجال بضمير المخاطبة، وقال تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} فقال: ((فلكم الربع)).

أما النساء فخاطبهن بقوله: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ}، إلى آخر الآية {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} فكان الخطاب للنساء بضمير الغائب.

يقول القاسمي: في الآية ما يدل على فضل الرجال على النساء؛ لأنه تعالى حيث ذكر الرجال في هذه الآية ذكرهم على سبيل المخاطبة، وحيث ذكر النساء ذكرهن على سبيل المغايبة، وأيضاً خاطب الله الرجال في هذه الآية سبع مرات، وذكر النساء فيها على سبيل الغيبة أقل من ذلك، وهذا يدل على تفضيل الرجال على النساء كما فضلوا عليهن في النصيب.