للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بعض آداب عشرة النساء]

قال الغزالي في الإحياء: الأدب الثاني: حسن الخلق معهن، واحتمال الأذى منهن ترحماً عليهن؛ لقصور عقلهن قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وقال في تعظيم حقهن: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء:٢١]، (ميثاقاً غليظاً) لبيان حرمة هذه المعاشرة، وقال: {وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} [النساء:٣٦]، قيل: هي المرأة.

ثم قال الغزالي رحمه الله تعالى: واعلم أنه ليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها، بل احتمال الأذى منها، يعني: أن تحتمل الأذى الذي يصدر منها، والحلم عند طيشها وغضبها، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كانت أزواجه يراجعنه الكلام وتهجره الواحدة منهن يوماً إلى الليل.

وراجعت امرأة عمر عمر رضي الله تعالى عنه فقال: (أتراجعيني؟! فقالت: إن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم يراجعنه وهو خير منك).

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لـ عائشة (إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبى، قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: أما أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى قلت: لا ورب إبراهيم، قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله! ما أهجر إلا اسمك)، صلى الله عليه وسلم.

ثم قال الغزالي رحمه الله تعالى: الأدب الثالث: أن يزيد على احتمال الأذى بالمداعبة والمزح والملاعبة، فهي التي تطيب قلوب النساء، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزح معهن، وينزل إلى درجات عقولهن في الأعمال، حتى روي: (أنه صلى الله عليه وسلم كان يسابق عائشة في العدو، فسبقته يوماً، وسبقها في بعض الأيام، فقال صلى الله عليه وسلم: هذه بتلك).

وقالت عائشة رضي الله عنها: (سمعت أصوات أناس من الحبشة وهم يلعبون في يوم عيد، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتحبين أن تري لعبهم؟! قالت: قلت: نعم فأرسل إليهم فجاءوا، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بين البابين فوضع كفه على الباب ووضعت رأسي على منكبه، وجعلوا يلعبون وأنا أنظر، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حسبك؟ وأقول: لا، لا تعجل مرتين أو ثلاثاً، ثم قال: يا عائشة حسبك؟ فقلت: نعم).

وفي رواية للبخاري قالت: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد، حتى أكون أنا الذي أسأم، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو).

وفي بعض الروايات بينت أنها ما كانت تقصد فقط أن ترى لعب الحبشة، لكنها أرادت أن تنظر النساء وتعلم الأخريات قدرها عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وقال عمر رضي الله عنه: (ينبغي للرجل أن يكون في أهله مثل الصبي، فإذا التمسوا ما عنده وجدوه رجلاً).

وقال صلى الله عليه وسلم لـ جابر: (هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك)، وهذا رواه الشيخان.

ووصفت أعرابية زوجها وقد مات فقالت: والله لقد كان ضحوكاً إذا ولج، سكوتاً إذا خرج، آكلاً ما وجد، غير سائل عما فقد.