للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الرد عل من يزعم أن آدم وحواء ورثا البشرية الخطيئة]

ليس عند أهل الكتاب أن الله سبحانه وتعالى تاب على آدم وحواء، بل تلوثا بالخطيئة، وليس هذا فحسب، بل ورثا البشرية هذه الخطيئة، وهو ما يسمونه بسر عظيم جداً من أسرار الكنيسة، وهو الخطيئة الأصلية، يعني: أن الإنسان يولد ملوثاً بالخطيئة! مع أن كل مولود يولد نقياً طاهراً كما يبين لنا النبي عليه الصلاة والسلام ذلك بقوله: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمته) فضرب المثل في النقاء والطهارة والصفاء والبراءة بالإنسان كما ولدته أمه بلا خطيئة.

وأما عند هؤلاء فأسوأ يوم وأسود يوم على الإنسان هو يوم تلده أمه؛ لأنه يولد بلا ذنب وبلا جريمة ومع ذلك يكون ملوثاً بخطيئة آدم، ولا يتطهر من هذه الخطيئة حتى الأنبياء!! وفي زعم النصارى أن الأنبياء الذين ماتوا قبل المسيح عليه السلام سوف يدخلون سجن جهنم بعد موتهم! حتى نوح وهود وكل الأنبياء؛ لأنهم يتحملون وزر وخطيئة آدم! وعليه بنوا هذه النظرية الغسانية المشركة التي اقتبسوها من قدماء المصريين، وهذا ثابت بالأدلة التاريخية، والهنود وأهل الوثنية اقتبسوا منهم نظرية أن الخطيئة لابد منها والعياذ بالله! وأن ربنا ينزل ويجسد ويذبح حتى يمحوا عن البشرية هذه الخطيئة، وهم مع ذلك يتناقضون، فإذا كان المسيح تحمل خطايا البشر فلماذا يشترطون التعميد؟! والتعميد عندهم هو: أن الطفل الذي لا يغطس في الماء الذي يسمونه مقدساً -والله أعلم هو منجس أم مقدس- يبقى حاملاً هذه الخطيئة! فمعنى ذلك: أنه رغم ما يزعمون من نزول المسيح وصلبه والعياذ بالله! فما زالت البشرية ملوثة في اعتقادهم، حتى إنهم في بعض الأراضي الموقوفة للكنيسة في بعض البلاد يمنعون دفن أي مولود أو أي إنسان إذا لم يكن قد عمد؛ لأنهم لا يعتبرونه قد دخل في النصرانية؛ لأن هذه عندهم صبغة مهمة جداً، ولابد أن يعمد بهذا الماء الذي يصفونه بأنه مقدس! وليس الآن أوان التفصيل في موضوع التعميد، لكن الشاهد أن هذه نقطة مهمة جداً في العقيدة بيننا وبين أهل الكتاب، وهذا بسبب تحريفهم كلام الله عز وجل، ولذلك انعكست هذه القضية في موقف الحضارة الغربية المعاصرة في العلاقة بين العلم والدين، فهم لهم انطباع أن هناك عداوة بين العلم وبين الدين مبنية ومأخوذة من هذا التصور الموجود في التوراة، وهو أن هذه الشجرة كانت شجرة المعرفة، فالدين هو دين الله، والعلم هو شجرة المعرفة، فالدين يكره العلم ويخاف منه، وبينهما عداوة، ولذلك الله سبحانه وتعالى حذر آدم أن يأكل من هذه الشجرة لأنه كان يخاف أن يصير لآدم بصيرة وعلم! -تعالى الله وحاشاه-.

فهذا الانطباع هو السبب في العداء بينهم وبين الدين والعلم دائماً، ويعتقدون أن الدين عدو للعلم، وأنهما متناقضان، ولا يمكن أن يلتقيا.

ثم جاءت التجربة الواقعية فأكدت هذا الأمر حينما حصل الصراع بين الكنيسة وبين الاكتشافات الحديثة، فكلما كان يكتشف علماؤهم نظرية أو حقيقة علمية كان القساوسة وعلماء الطبيعة والفيزياء -إن جاز هذا التعبير- يتصادمون، فلما حصل هذا الصدام حصل التمرد والكفر بالكنيسة وظهور دين العلمانية الجديد! فهم لما فقدوا الثقة في النصرانية لم يبحثوا عن الدين الحق، لكن هجروا الحق وذلك الدين المحرف معاً.

فقصة آدم عليه السلام لها تأثير خطير في التصور النصراني، وهي قضية أصلية جداً في العقيدة عندهم، وأن آدم وحواء لم يتب الله عليهما، وإنما نزلا ملوثين بالخطيئة، بل ورثا الخطيئة كل البشرية من بعدهم! هذا مظهر من مظاهر الانحراف عند أهل الكتاب، وهناك انحراف آخر عند الذين يتبنون نظرية دارون أو ما يسمى بنظرية التطور أيضاً؛ فهم ينكرون هذه الحقيقة التي يصدع بها القرآن، وينكرون أن أصل البشرية شيء اسمه آدم وحواء؛ لأن العملية عندهم موضوع خلية تركبت ونمت وحصل تطور عبر آلاف سحيقة من القرون، ثم كان منها الإنسان إلى آخر هذا الكلام! وليس الأوان أوان مناقشة هذا بالتفصيل، لكن هذه إشارة واضحة إلى فساد هذه العقيدة، وكما هو معلوم فقد بين القرآن أن بداية البشرية كانت خلقاً مباشراً من الله سبحانه وتعالى لآدم، ثم بعد ذلك لـ حواء، وليس كما يزعم أصحاب نظرية التطور، وقد هزمت الآن، وليس فقط بالأدلة الدينية حتى بالأدلة العلمية وأدلة علم الجينات أو الوراثة.