للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (وظللنا عليكم الغمام)]

قال الله تعالى: {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [البقرة:٥٧] يعني: كانوا في فترة التيه في شدة الحر، فكان الله سبحانه وتعالى يظللهم بالغمام، وهو سحاب رقيق، فلذلك قال السيوطي: ((وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ)) أي: سترناكم بالسحاب الرقيق من حر الشمس في التيه، ((وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى)) يعني: وأنزلنا عليكم في التَّيِه المن والسلوى، يقول هما: الترنجبين، وهو شيء مثل العسل الأبيض، يقع على الشجر فيأكله الناس، ولا أستطيع أن أقطع وأجزم بأنه موجود حتى الآن؛ لكن حكى لي أحد إخواننا الأفاضل أنه منذ عشرين سنة سافر إلى العراق، فأحضر معه نوعاً من (البودرة) البيضاء وطعمها كالعسل تماماً، يقول: إنهم في تركيا والعراق في الصباح يجمعونها من فوق أوراق الأشجار، وهي تسقط من السماء، وهذه الظاهرة موجودة في تركيا والعراق، فيجمعونها ويضيفون لها بعض المكسرات ويسمونها في المحلات (مَنّ السماء)، وأنا قد أكلت منها، لكن هل هذا هو الملف الله تعالى أعلم.

والطير السماني هو السلوى.

((كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)) يعني: ونزلنا عليكم المن والسلوى، وقلنا: كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تدخروا، وطبيعة اليهود معروفة، فكفروا النعمة وادخروا، فقطع الله تعالى عنهم النعمة لما ادخروا.

((وَمَا ظَلَمُونَا)) يعني: ما نقصونا وما ضرونا، ((وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ))؛ لأن وباله عليهم؛ هذا معنى الظلم، فهم الذين ظلموا أنفسهم بقطع هذه النعمة عنهم.