للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعن إسماعيل بن حمّاد بن أبى حنيفة (١)، عن أبيه قال: لما مات أبى سألنا الحسن بن عمارة أن يتولّى غسله، ففعل فلما غسّله، قال: رحمك الله، وغفر لك، لم تفطر منذ ثلاثين سنة، ولم تتوسّد يمينك باللّيل أربعين سنة، وقد أتعبت من بعدك، وفضحت القرّاء.

وعن أبى يوسف (٢)، قال: بينا أنا أمشى مع أبى حنيفة، إذ سمع رجلا يقول لرجل:

هذا أبو حنيفة، لا ينام الليل.

فقال أبو حنيفة: والله، لا يتحدّث عنّى بما لا أفعل.

فكان يحيى الليل صلاة، ودعاء، وتضرّعا.

وعن ابن أبى معاذ (٣)، عن مسعر بن كدام، قال: أتيت أبا حنيفة فى مسجده، فرأيته يصلّى الغداة، ثم يجلس للناس فى العلم، إلى أن يصلّى الظّهر، ثم يجلس إلى العصر، فإذا صلّى العصر جلس إلى المغرب، فإذا صلّى المغرب جلس إلى أن يصلّى العشاء، فقلت فى نفسى: هذا الرجل فى هذا الشّغل، متى يتفرّغ للعبادة؟، لأتعاهدنّه الليلة.

قال: فتعاهدته، فلما هدأ الناس، خرج إلى المسجد، فانتصب للصّلاة إلى أن طلع الفجر، ودخل منزله، ولبس ثيابه، وخرج إلى المسجد، وصلّى الغداة، فجلس للناس إلى الظهر، ثم إلى العصر، ثم إلى المغرب، ثم إلى العشاء.

فقلت فى نفسى إن الرّجل قد تنشّط الليلة الماضية للعبادة، لأتعاهدنّه الليلة، فتعاهدته، فلما هدأ الناس خرج فانتصب للصّلاة، ففعل كفعله فى الليلة الأولى، فلما أصبح خرج إلى الصّلاة، وفعل كفعله فى يوميه، حتى إذا صلّى العشاء، قلت فى نفسى: إن الرّجل لينشط الليلة والليلة، لأتعاهدنّه. ففعل كفعله فى ليلتيه، فلما أصبح جلس كذلك، فقلت فى نفسى: لألزمنّه إلى أن أموت أو يموت.

قال: فلازمته فى مسجده.


(١) تاريخ بغداد ١٣/ ٣٥٤.
(٢) تاريخ بغداد ١٣/ ٣٥٥.
(٣) تاريخ بغداد ١٣/ ٣٥٦.