للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقال: خذيه بأربعة دراهم.

فقالت: لا تسخر بى، وأنا امرأة عجوز كبيرة.

فقال: إنّي اشتريت ثوبين، فبعت أحدهما برأس المال إلاّ أربعة دراهم، فبقى هذا يقوم علىّ بأربعة دراهم.

وجاء إليه يوما رجل (١)، فقال: يا أبا حنيفة، قد احتجت إلى ثوب خزّ.

فقال: ما لونه؟

قال: كذا، وكذا.

فقال له: اصبر حتى يقع، وآخذه لك، إن شاء الله تعالى.

فما دارت الجمعة حتى وقع، فمرّ به الرجل، فقال: قد وقعت حاجتك، وأخرج إليه الثوب، فأعجبه، فقال: يا أبا حنيفة، كم أزن (٢)؟

قال: درهما.

فقال الرجل: يا أبا حنيفة ما كنت أظنّك تهزأ!

قال: ما هزأت، إنّي اشتريت ثوبين بعشرين دينارا ودرهم، وإنّي بعت أحدهما بعشرين دينارا، وبقى هذا بدرهم، وما كنت لأربح على صديق.

ومن المشهور (٣) عن مروءته، ووفائه ورعايته حقّ الجوار، ما روى أنّه كان له جار بالكوفة/إسكاف، يعمل نهاره أجمع، حتى إذا جنّه الليل رجع إلى منزله، وقد حمل معه لحما فطبخه أو سمكة فشواها، ثم لا يزال يشرب حتى إذا دبّ الشراب فيه غنىّ بصوت، وهو يقول. (٤)

أضاعونى وأىّ فتى أضاعوا … ليوم كريهة وسداد ثغر


(١) تاريخ بغداد ١٣/ ٣٦٢.
(٢) بعد هذا فى تاريخ بغداد زيادة: «للغلام».
(٣) تاريخ بغداد ٣٦٣،١٣/ ٣٦٢، والقصة على نحو آخر فى مناقب الإمام الأعظم ١/ ٢٢٤، ومناقب الكردى ١/ ٢٣٦.
(٤) البيت للعرجى، وهو فى: الأغانى ١/ ٤١٣، زهر الآداب ١/ ٥٥٩، وهو فى المناقب أيضا.