للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

دينار ولا درهم، فإن فضل، ولم يجد من يأخذه، وفجأه اللّيل، لم يرجع إلى منزله حتى يبرأ منه إلى من يحتاج إليه، لا يأخذ ممّا آتاه الله إلا قوت أهله عاما فقط، من أيسر ما يجد من التمر والشعير، ثم يؤثر من قوت أهله (١) حتى ربّما احتاج قبل انقضاء العام.

وكان من أحلم الناس، وأشدّ حياء من العذراء فى خدرها، خافض الطّرف، نظره الملاحظة.

وكان أكثر الناس تواضعا، يجيب من دعاه من غنىّ أو فقير، أو حرّ أو عبد.

وكان أرحم الناس، يصغى (٢) الإناء للهرّة، وما يرفعه حتى تروى، رحمة لها.

وكان أعفّ الناس، وأشدّهم إكراما لأصحابه، لا يمدّ رجليه بينهم، ويوسّع عليهم إذا ضاق المكان. ولم تكن ركبتاه تتقدّم ركبة جليسه. له رفقاء يحفّون به، وإن قال أنصتوا له، وإن أمر تبادروا لأمره، ويتحمّل (٣) لأصحابه، ويتفقّدهم؛ ويسأل عنهم، فمن مرض عاده، ومن غاب دعا له، ومن مات استرجع فيه، وأتبعه الدّعاء له، ومن تخوّف أن يكون وجد فى نفسه شيئا، انطلق إليه حتى يأتيه فى منزله. ويخرج إلى بساتين أصحابه، ويأكل ضيافتهم، ويتألّف أهل الشرف، ويكرم أهل الفضل. ولا يطوى بشره (٤) عن أحد، ولا يجفو عليه، ويقبل معذرة (٥) المعتذر إليه (٦)، والضّعيف والقوىّ عنده فى الحق سواء، ولا يدع أحدا يمشى خلفه، ويقول: «خلّوا ظهرى للملائكة». ولا يدع أحدا يمشى معه وهو راكب، حتى يحمله، فإن أبى قال: تقدّمنى إلى المكان الفلانىّ. ويخدم من خدمه، وله عبيد وإماء، ولا يرتفع عنهم فى مأكل ولا ملبس.


(١) ساقط من: ط، ن، وهو فى: ص، والوافى بالوفيات ١/ ٦٦، والفصل فيه.
(٢) فى ص: «يصفى» والصواب فى ط، ن، والوافى.
ويصغى الإناء للهرة: يميله ليسهل عليها الشرب منه.
(٣) فى ص: «ويتجمل»، والمثبت فى: ط، ن، والوافى.
(٤) فى ص: «نشره»، والمثبت فى: ط، ن، والوافى.
(٥) فى ن: «عذر»، والمثبت فى: ص، ط، والوافى بالوفيات ١/ ٦٧.
(٦) زيادة من: ص، والوافى، على ما فى: ط، ن.