للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بعض معجزات النبي صلى الله عليه وسلم]

فشهادة الخصوم تشهد بأمانة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام:٣٣].

فربنا يقول: هؤلاء لا يكذبونك يا محمد! وهم جاءوا له وقالوا: نحن سنؤمن بك لو شققت لنا القمر نصفين، فقال: يا رب! شق لقريش القمر نصفين، فأقسم الصحابة أنهم نصف القمر على جبل أبي قبيس والنصف الآخر على الجبل المواجه له، فقالوا: سحرنا محمد.

ومن الكارثة أنك تجد كثيراً من الناس للأسف الشديد إذا أقسمت له بالله لا يصدق، وإذا خلفت له بالصلاة صدق.

فإذاً: المشركون أو الكفار كانوا لا يكذبون رسول الله، وإنما كانوا يجحدون وينكرون آيات الله، فقالوا: نحن سنؤمن لك لو صيرت لنا الجبل الذي أمامك هذا ذهباً، فقال: وإن لم تؤمنوا فقد أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود، يعني: لو لم تؤمنوا فإن الصاعقة ستنزل عليكم، وأبو سفيان كان رجلاً كبير العقل، فقال: أسألك الله والرحم يا محمد! لأنه يعرف أنه صادق.

وأبو لهب لما بصق عتبة ابنه على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان متزوجاً ابنته أم كلثوم فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (اللهم سلط عليه كلباً من كلابك) فـ أبو لهب قال لأصحاب ابنه: انتبهوا لـ عتبة، فإن دعوة محمد مستجابة.

وأبو جهل كان يشعر بالهيبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له: يا أبا جهل! أتستطيع أن تضرب محمداً؟ قال: أقدر، فقام أبو جهل وبحث عنه فلم يجده، فعرف أنه في البيت، فطرق الباب، وقريش كلها خلف أبي جهل من أجل أن ترى ماذا سيفعل؟ فعندما فتح الرسول الباب هرب أبو جهل إلى الخلف، فقالوا: يا أبا الحكم! إنك وعدت أن تضربه، فقال: لما فتح الباب رأيت فحلاً خلفه مثل الجمل الكبير جداً يريد أن يأخذني، فلما سئل النبي صلى الله عليه وسلم قال: ذلك جبريل لو مد يده لأخذه.

قال تعالى: {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور:٤٨] وأنت عندما تقول لجارك إذا كنت مسافراًَ: انتبه للأولاد وقال لك: في عيني، فإنك تسافر وأنت مطمئن، فما بالك بالله يقول لحبيبه صلى الله عليه وسلم: {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور:٤٨] ويقول: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة:٦٧] ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهم: سيروا أمامي فيقولون: نسير خلفك يا رسول الله؟! فيقول: خلوا ظهري لملائكة ربي، وكان إذا سار كأنه ينصب من منحدر؛ لأن الأرض كانت تطوى له طياً.

وفي مطار أمستردام (٧٢) صالة، ومن أجل أن تتنقل بين الصالات جعلوا الطرق تمشي، فتقف على سير وينزل بنفسه؛ من أجل أن يمتعوا الناس، فإذا كان هذا يعمله الرجل الهولندي من أجل أن يريح البشر فما بالك بما يفعله الله لحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان تطوى له الأرض طياً صلى الله عليه وسلم.

وسيدنا أنس رضي الله عنه حفر بئراً في بيته فخرج البئر مالحاً فردمه وحفر آخر فخرج البئر مالحاً، فذهب إلى سيدنا الحبيب وقال له: يا رسول الله! كلما حفرت بئراً وجدته مالحاً، فقال له: تعال معي، فذهبوا فأخرج دلواً فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم قليلاً منه في فمه وتمضمض ثم بصقه في البئر، فكان الصحابة يتحيلون على أنس من شدة عذوبة ماء بئر أنس.

وسيدنا جابر كان له جمل كليل في السير، وكانت الجمال كلها تمشي وهو آخرها، فقال: يا رسول الله! هذا بعيري قد أتعبني، فنخسه صلى الله عليه وسلم بعصا كانت في يده، فعاد يسابق الجمال في سيره.

ولما سافروا في سفر وشح عليهم الماء قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائتوني بماء لأتوضأ، فتبسم الصحابة وقالوا: يا رسول الله! لا يوجد هناك ماء لا لوضوء ولا لشرب إلا قدح، فقال: ائتوني به، وفرج بين أصابعه، وصب عمر بن الخطاب ونبع الماء من بين أصابعه فشرب العدد كله، فسئل أسامة: كم كنتم يا أسامة؟! فقال: كنا سبعمائة رجل، فقد كان مؤيداً من ربه.

ولو أراد لكان أغنى الناس، فقد كان له في كل غنيمة من الغنائم الخمس، وخمس الغنائم في غزوة بني قريظة كان عبارة عن ثمانية آلاف بعير، واثني عشر ألف رأس شاة، وسبعة آلاف وخمسمائة مثقال من الفضة والذهب، غير الدروع والسيوف، ومع هذا فقد مات ودرعه مرهونة عند يهودي، فقد كان ينفقها لله، وكان عنده قانون: أنفق ينفق عليك، أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالاً، والله سبحانه وتعالى يقول: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:٢٤٥] وربنا عنده خزائن كثيرة كثيرة كثيرة، {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات:٤٧] فاللهم وسع علينا في أرزاقنا يا أكرم الأكرمين! ولما قابله أعرابي وقال له: يا محمد! من يشهد لك بالرسالة؟ فالرسول صلى الله عليه وسلم نظر ولم ير أحدً معه، فقال له: هذه الشجرة، فالأعرابي ضحك، فقال لها: تعالي يا شجرة! فتحركت من مكانها ولها حفيف، فقال لها: من أنا؟ قالت بلسان عربي مبين: أنت محمد رسول الله، قال لها: عودي إلى مكانك.

ومحمد حسين هيكل وطه حسين أنكروا معجزات رسول الله بالمرة، والرسول صلى الله عليه وسلم بغير معجزات كيف يكون؟ فقد أيده الله بمعجزات كما أيد موسى بالعصا، وكما أيد عيسى بإحياء الموتى وبإبراء الأكمه والأبرص، وأنه يعمل من الطين طيراً فينفخ فيها فتكون طيراً بإذن الله إلى آخر المعجزات، وأيد سيدنا سليمان بالريح غدوها شهر ورواحها شهر، والشياطين كل بناء وغواص، والصافنات الجياد، وكل هذه المسائل أيد الرسل بها، فالمعجزات هذه مسألة حقيقية وردت بها الكتب الصحيحة وجاءت في كتاب الله عز وجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>