للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[دهاء عمرو بن العاص يفشل أمام جعفر بن أبي طالب في الحبشة]

كانت تلك لمحة تدل على دها عمرو أما ما حدث من أمره مع النجاشي فإنه استجلب له هدايا عظيمة فلما دخل عليه قال له: إن قوماً من قومنا خرجوا على دين آبائهم وأجدادهم، واعتصموا بأرضك، وإن كبراء أمتي أرسلوني إليك لكي تعيدهم إلينا.

فاستدعا النجاشي المهاجرين فجاءوا يقدمهم جعفر بن أبي طالب، وكانوا قد اختاروه ليتحدث عنهم، فتكلم جعفر وقال: أيها الملك! كنا قوماً ضلالاً نستحل الحرمات، ونغتصب الأموال، ونسرق، ونرتكب الفواحش، ونقطع الرحم، ونجور في الحق، حتى جاءنا رجل منا لا ننكر نسبه، أمين لا يخون، صادق لا يكذب، يقري الضيف، ويعين على نوائب الحق، ويصنع كذا وكذا أمرنا بأن نصل الأرحام، وأن نراعي الأيتام، وأن نعطي لكل ذي حق حقه، وأمرنا بعبادة الله وحده لا شريك له، فإن آمنا دخلنا الجنة فاتبعناه.

قال: والله إن ما يقوله هذا وما قاله عيسى يخرج من مشكاة واحدة، أنتم آمنون في أرضي، فانهزم عمرو في الجولة الأولى، فعزم على أن يكيدهم بأشد من كيده الأول فأتى الملك وقال له: أيها الملك! إنهم يقولون في عيسى ومريم كلاماً، -يريد: كلاماً سيئاًَ- فاستدعاهم الملك مرة أخرى ثم قال لهم: ما تقولون في عيسى يا رجل، فقال: إن عيسى عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول وروح الله ثم قرأ عليه من سورة مريم، فبكى النجاشي ومن حوله وقال: لا أسلمكم لأحد أبداً، أنتم آمنون في أرضي.

<<  <  ج: ص:  >  >>