للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم من منّ على الله بعمله

قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال بعض الزهاد: ما علمت أن أحداً سمع بالجنة والنار تأتي عليه ساعة لا يطيع الله فيها بذكر أو صلاة أو قراءة أو إحسان.

فقال له رجل: إني أكثر البكاء.

فقال: إنك إن تضحك وأنت مقر بخطيئتك، خير من أن تبكي وأنت مدل بعملك].

أي: لئن تصبح ضاحكاً وأنت نادم، خير لك من أن تصبح باكياً وأنت مدل على الله بعملك، أو تمن على الله بعملك وتقول في نفسك: أنا عملت كذا وكذا وكذا، فلا يوجد أفضل مني، فهذا خطأ، فلابد للمسلم أن يظل مستشعراً تقصيره مهما كانت عبادته.

[فإن المدل لا يصعد عمله فوق رأسه، فقال: أوصني! فقال: دع الدنيا لأهلها كما تركوا هم الآخرة لأهلها].

عندما تدعو شخصاً وهو ليس متعوداً على المحاضرات ولا يريد المحاضرات أصلاً، فتقول له: هلا أتيت معنا يوم كذا، لدرس أو لخطبة أو لمحاضرة، فتجده يرد عليك بسخرية، ويقول: اجعل لنا من بركاتك.

فمثلما هو قد ترك لك الآخرة، كافئه واترك له الدنيا، ولن تخسر شيئاً، ولو أخذ الدنيا سيكتشف عندما يموت أنها هباء منثور، قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان:٢٣].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وكن في الدنيا كالنحلة إن أكلت، أكلت طيباً، وأن أطعمت أطعمت طيباً، وإن سقطت على شيء لم تكسره ولم تخدشه].

فالنحلة تأكل رحيق الأزهار، وتؤكلنا الشهد، وعندما تقف على العود لا تخدشه ولا تكسره، فالمسلم يجب أن يكون خفيفاً كالظل، لا يكون فضولياً ولا مزعجاً ولا يعيد كلامه أكثر من مرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>