للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم ذهاب النساء إلى الكوافير]

ذهبت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وابنتها عروس، -والمرأة عندما تكون ابنتها عروساً تتصرف بطريقة غريبة وتفكر تفكيراً غير منطقي- فقالت المرأة لرسول الله: إن ابنتي عروس وأصابتها الحصباء -مرض جلدي- فتساقط شعرها -أي: أصبحت صلعاء- أفأصل شعرها؟! فلو سألت هذا السؤال امرأة من هذا العصر وهي لا تعرف بقية الحديث، ستجيبك على الفور: نعم، كيف ستذهب إلى زوجها وهي صلعاء؟! ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لعن الله الواصلة والمستوصلة)، والواصلة: هي التي تسمى في عصرنا الحاضر (كوافيرة)، والمستوصلة: هي المرأة التي تذهب إليها لتصل شعرها.

وإذا كان رسول الله قد لعن المرأة التي تصل شعر المرأة الأخرى بشعر آخر، فكيف إذا كان الذي يفعل ذلك رجلاً، كيف سيكون حاله؟ والمصيبة الكبرى أن العريس قبل أن يزفوا إليه عروسه يذهب بها إلى (الكوافيرة) وقد تكون رجلاً، وهذه قلة أدب من وجهة نظري، ولا أرها إلا دياثة، فليس من المعقول أن يذهب أحدنا بعروسه قبل أن يلمسها إلى رجل آخر بحجة أنه ماهر في فنون التجميل؟!!! سبحان الله.

وتجد بعض الناس يظنون أننا نعقد المسألة، ونحن لا نعقدها؛ لأن هناك حلالاً وحراماً، وهذه كلها زيادات في الدين.

وتجد بعض الآباء يتحججون بأنهم لا يريدون أن يكدروا على ابنتهم ليلة عرسها، فتفعل ما تشاء.

ولكن لتعلم أيها المؤمن! أنه في أيام رسول الله قامت حرب بسبب أن عورة امرأة مسلمة انكشفت أمام اليهود، وذلك عندما أراد أحد اليهود منها أن تخلع خمارها لكي يروا وجهها فلم ترض، فأراد أن يسخر منها فأمر أحد الصبيان أن يربط طرف ثوبها برأس ثوبها، فعندما أرادت أن تنهض بانت عورتها وأرجلها، فجلست على الفور وسترت نفسها، وعندما رأى أحد المسلمين هذا المنظر، لم تتحمل الدماء العربية الإسلامية، فقتل اليهودي، فاجتمع اليهود على المسلم فقتلوه، فبلغ ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فحاصر بني قينقاع سبعة عشر يوماً، وأجلاهم عن المدينة؛ لأنهم كشفوا عورة امرأة مسلمة.

وفي زماننا هذا نحن الذين نعري زوجاتنا بأيدينا، فتجد الرجل يقول لزوجته: غيري ملابسك هذه لكي نخرج، وقد تكون لابسة في بيتها ومحتشمة، ولا يرى شيئاً منها، ولكن عندما تغير ملابسها لكي يخرجوا للنزهة، فإنها تلبس أجمل ما لديها من ملابس، ولو رآها زوجها في الطريق لما عرفها.

فلا شهامة ولا أخلاق إسلامية ولا دماء عربية، ولا غيرة على محارم الله عز وجل.

والمصيبة الكبرى عندما تجد المرأة أمام المرآة تجمل نفسها لكي يذهبوا بها للسهرة، فتسأل زوجها عن رأيه في شكل شعرها وفي تجميل وجهها، وفي أحمر شفاهها، أشياء غريبة جداً، فتجد الرجل هو الذي يجهز زوجته لكي تخرج ويراها الناس وهي في كامل زينتها.

سيدنا عثمان رضي الله عنه عندما شعر بأنهم سيقتلونه، قال لامرأته نائلة: ادخلي فاحتجبي، إن قتلي أهون عندي من أن يرى شعرك أجنبي.

فالعرض غال جداً، ولكن لا حياة لمن تنادي، وما علينا إذا لم تفهم البقر.

نسأل الله السلامة، فربما هؤلاء الناس يأكلون لحم خنزير.

إذاً: فالمسلم تنقسم معاملاته إلى عبادات وعادات، فالبدعة تكون في العبادة وليست في العادة، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم ينه عن الأكل على طاولة قط، لأنها عادة.

وكذلك عندما كان يأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يفرد رجله اليمين ويجلس عليها، وأحياناً يفرد رجله الشمال ويجلس عليها، ويأكل بثلاثة أصابع، ولكن أنت إذا أكلت بهذه الطريقة أو بطريقة أخرى فهذا جائز؛ لأن هذه عادة وليست عبادة.

وإذا أردت الوصول إلى درجة عليا وطبقت أفعال الرسول في كل شيء فسمعاً وطاعة، لكن هذه أمور عادات وليست أمور عبادات؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (خذوا عني مناسككم).

قال المصنف رحمه الله تعالى: [فلا يطولن عليكم الأمد، ولا يلهينكم الأمل، فإن كل ما هو آتٍ قريب، ألا وإن البعيد ما ليس آتياً].

البعيد الحقيقي هو الذي لن يعود، والقريب هو كل ما سيأتي أو سيعود يوماً ما وإن طال الأمد.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ألا وإن الشقي من شقي في بطن أمه، وإن السعيد من وعظ بغيره].

يعني: أحياناً نسمع أن ولداً شتم أمه أو ضرب أباه، فتفسير هذه الحادثة أن الأب طلق زوجته ثلاث تطليقات، وهو رجل كثير الحلف بالطلاق، فبعد أن طلقها ثلاث تطليقات أو أكثر من ذلك أنجب هذا الابن، فهو ابنه وابنها، لكنه ابن حرام والعياذ بالله؛ لأن الواجب على الزوج ألا يطأ زوجته ولا يقربها لأنها أجنبية، فبعد أن تنقضي شهور عدتها يتقدم لها شاب عادي ويتزوجها، وبعد أن يعاشرها سنة أو سنتين أو عشراً أو عشرين سنة، أو أقل أو أكثر، وبعد ذلك طلقها أو توفي، فيجوز أن يتزوجها زوجها الأول، أما أن يأتي المحلل ويتزوج ويطلق في يوم واحد، ولا يكون هناك شهور عدة، ولم يدخل بها، فهذا هو الديوث الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلكم على التيس المستعار؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: المحلل والمحلل له، لعن الله المحلل والمحلل له).

فالابن الذي يشتم أباه أو يضرب أمه فهو قد شقي في بطن أمه؛ لأنه ليس ولد حلال، والعياذ بالله.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ألا وإن قتال المسلم كفر وسبابه فسوق].

قتال المسلم كفر، ومن سب أخاه المسلم فهو فاسق.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام، حتى يسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، ويعوده إذا مرض، ألا وإن شر الروايا روايا الكذب، ألا وإن الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل].

فلا يكون المؤمن كذاباً، والكذب لا ينفع أن يكون في مزاح ولا في غيره.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ولا أن يعد الرجل صبيه شيئاً ثم لا ينجزه].

مثل أن يعد الأب ابنه بقوله: إذا نجحت فسوف أعطيك كذا، وإن سكت فسوف أعطيك كذا، ولا يفي بوعده.

اللهم اجعل كتاب الفوائد فائدة لنا في الدنيا والآخرة، واجعلنا يا ربنا! جميعاً من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ووفقنا يا أرحم الراحمين! إلى ما تحبه وترضاه، وإن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك معافين، غير فاتنين ولا مفتونين، اجعل اللهم جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوما، ولا تجعل يا ربنا بيننا شقياً ولا محروما، لا تدع لنا في هذه الليلة العظيمة ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا كرباً إلا أزلته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مسافراً إلا رددته لأهله غانماً سالماً، ولا صدراً ضيقاً إلا شرحته، ولا طالباً إلا نجحته، ولا شيطاناً إلا أبعدته عنا وطردته، واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين، اجعل اللهم خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاك؛ إنك يا ربنا على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير، وصلى الله وسلم على البشير النذير، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>