للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيان من يسأل يوم القيامة أولاً من الفائزين الآمنين

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، حمد عباده الذاكرين، حمداً يوافي نعم الله علينا ويكافئ مزيده، وصلاة وسلاماً على المبعوث رحمةً للعالمين، سيدنا محمد صلى الله وسلم عليه صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين، أما بعد: فنسأل الله عز وجل أن يجعل جمعنا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، وألا يجعل بيننا شقياً ولا محروماً.

اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا كرباً إلا أذهبته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا قصمته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا طالب حاجة إلا قضيتها له يا رب العالمين.

اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاك، وإن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك معافين غير فاتنين ولا مفتونين.

اللهم تب على كل عاص، واهد كل ضال، واشف كل مريض، وارحم كل ميت، واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.

هذه -بمشيئة الله عز وجل- هي الحلقة الأخيرة من كتاب الفوائد، فاللهم اجعلها لنا فوائد في الدنيا والآخرة يا أكرم الأكرمين، واجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

يقول سهل بن عبد الله التستري: ترك الأمر عند الله أعظم من ارتكاب النهي.

إن الله عز وجل يحاسب العبد يوم القيامة على أمور أربعة سنذكرها بعد، وهي مضافة إلى السؤال عن العمر والشباب والمال والعلم.

وأول من يسأل يوم القيامة هم الأنبياء والرسل، كما قال تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا} [المائدة:١٠٩] فمن شدة وطأة وثقل يوم القيامة قالوا: (لا علم لنا) وبعد ذلك يسأل الله تعالى سيدنا عيسى بقوله: {أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [المائدة:١١٦] فيقول: يا رب! {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة:١١٧ - ١١٨] والمتبادر إلى الذهن أن يقول: إن تعذبهم فإنهم عبادك، وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم سبحانك، ولكن لشدة المقام الواقف فيه سيدنا عيسى لم يناسب ذكر المغفرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>