للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيان مناداة كل جماعة بإمامها يوم القيامة]

وكل مجموعة ينادى إمامها بعد الرسل، وكل مجموعة لها قائد، فمجموعة الخير في منطقة كذا في بلد كذا في الفترة الزمانية الفلانية ينادى قائدها، فيقف أمام الله، فيقال له: ماذا صنعتم؟ فيقول: يا رب! صلينا وصمنا وتعلمنا وعملنا كذا وكذا.

فيقول: اذهب فبشر أصحابك بالجنة وخذ بأيديهم إلى رضوان الله.

وإذا كان إماماً في الشر يقال له: ما صنعتم؟ فيذكر ما صنعوه، ثم يعود إلى مجموعته فلا يعرفون وجهه من الاكتئاب، فيقول: ألا تعرفونني؟! لقد ذهبت حتى وقفت عند الميزان، فتعالوا إلى النار وبئس القرار.

فعلى الإنسان أن يلتصق بأهل الخير، فكن عالماً أو متعلماً أو أحبهم، فإن لم تفعل فلا تبغضهم.

إن الناس يعيبون على أهل الدين تعقيدهم للأمور، وهذا غير صحيح، فإن المسلم مرح ولطيف وسهل، ولذلك يروى أن أحد تلاميذ الإمام أبي حنيفة رضوان الله عليه استأجر بيتاً، فكان السقف لقِدَمِه يكاد أن يسقط، وكان صاحبه يطلب الأجرة أول الشهر، فيقول له: أعطني الأجرة، فقال له يوماً: يا أخي! أصلح لنا السقف؛ لأن السقف يقرقع، فقال له: إنه لا يقرقع، بل إنه يسبح.

فقال له ذلك الفقيه: أخاف أن تدركه الخشية فيسجد.

وكذلك كان سيدنا الحبيب، فقد جاءت إليه امرأة تشكو من زوجها، فقال لها: (زوجك الذي في عينيه بياض) فقالت له: لا، فقال: (ما من بشر إلا وفي عينيه بياض)، فكان يمزح، ولكن لا يقول إلا حقاً صلى الله عليه وسلم.

ومن ذلك أن أحد الصحابة قبل أن يتوب الله عليه كان يحب أن يجلس جلسة النساء، فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (ماذا تصنع هنا يا أبا عبد الله؟ قال: إن لي حبلاً لأربط به بعيري يا رسول الله).

ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغابي فالأب عندما يرى ابنه قد أخطأ يوهمه بأنه لا ينظر إليه، فكان كلما وجده يقول له: (ما صنع البعير يا أبا عبد الله؟)، فكان إذا صلى يصلي في آخر المسجد حتى لا يراه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي ذات مرة بين صلاة الظهر والعصر دخل الحبيب المسجد، فوجده يصلي، فأطال الصلاة، فتبسم الرسول وقال: (يا أبا عبد الله! أطل ما تطل) أي: لو أطلت كثيراً فإني سأنتظرك فانظر إلى لطفه وحنانه صلى الله عليه وسلم.

فلما فرغ من صلاته قال له: (يا أبا عبد الله! كيف حال بعيرك؟ فقال: والله ما عندي بعير، وما يشرد لي بعير)، ثم قال: (يا رسول الله! ادع الله لي.

فوضع الرسول صلى الله عليه وسلم يده على صدره، فقال: اللهم تب عليه واهده).

فهذه حياتهم مع سيدنا مع الحبيب، فاللهم احشرنا في زمرتهم وأرناهم في الجنة يا رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>