للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كيفية الاستجابة للرسول]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال:٢٤]].

أي: أن الله ورسوله يدعواننا لما يحيينا، والدنيا وأهلها يدعونا لما يميتنا ويميت قلوبنا، والله يحول بين المرء وقلبه، ويمنعه من قلبه، بدليل أن القلب الذي يرضى تجده يسخط في نفس اللحظة، فمثلاً تجد أصهار العريس يكونون فرحين به ويرحبون به، ويقولون له: لا تحمل هماً، الكثير علينا والقليل عليك، فيواسونه بكلام طيب وجميل، فيخرج من عندهم فرحاً ووالدته تقول له: لم أرَ مثل هؤلاء الناس في الطيبة وحسن الخلق، وبعد ذلك يحصل بعض الإشكالات عند تجهيز العروس، فتجد أهل العروس يسخطون ويقولون: مالنا ولهذا الزواج، فالعريس عقله غير مكتمل، وأمه بذيئة الكلام، فتجدهم يسخطون بعدما كانوا راضين.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [فتضمنت هذه الآية أموراً: أحدها: أن الحياة النافعة إنما تحصل بالاستجابة لله ورسوله].

يعني: لكي تكون حياة المسلم نافعة فعليه أن يقول: سمعاً وطاعة لله ولرسوله، كما قال تعالى: {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [البقرة:٢٨٥].

وقوله: (لِمَا يُحْيِيكُمْ) أي: يحييكم للحق، وأحييت نفسه للحق فصار مستقيماً.

وقال قتادة: هو القرآن فيه الحياة والثقة والنجاة والعصمة في الدنيا والآخرة.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الجهاد من أعظم ما يحييهم الله به في الدنيا، وفي البرزخ وفي الآخرة، ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا.

والعياذ بالله.

قال تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران:١٦٩].

وهذا يفسر كلام ابن القيم في قوله تعالى: {إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال:٢٤]، أي: دعاكم للجهاد فجاهدوا، فأنت عندما تموت في سبيل الله تحيا عند الله وفي الآخرة حظ المجاهدين والشهداء من حياتها ونعيمها أعظم من حظ غيرهم، وفي الحديث: (من لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق)، وأنا أحث أولادنا الذين يدخلون الجيش على أن يضعوا في أذهانهم أن الأيام التي ستقضونها في المعسكر هي رباط في سبيل الله، ولا تظنوا أنها صعوبة وأوامر، بل هي لحظات وأنت ترابط في سبيل الله عز وجل.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} [الأنعام:١٢٢]].

يمشي في الناس بالنور وهم في الظلمة، فالناس الذين يرتكبون المعاصي في ظلام، وأهل الإيمان في نور، قال تعالى: {فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ} [الأعراف:١٠١]، فالآية تحذير عن ترك الاستجابة لله ولرسوله.

إذاً: ميزان العمل هو الاستجابة لما قاله الله وقاله رسوله صلى الله عليه وسلم، أي: سمعنا وأطعنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>