للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أعمال جبريل وميكائيل وإسرافيل]

قال الله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:٩٨].

قال المصنف رحمه الله: يقول تعالى: من عاداني وملائكتي ورسلي، ورسله تشمل رسله من الملائكة والبشر، كما قال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج:٧٥]، ((وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ))، وهذا من باب عطف الخاص على العام، فإنهما دخلا في الملائكة في عموم الرسل؛ ثم خصصا بالذكر، لأن السياق في الانتصار لجبرائيل، وهو السفير بين الله وأنبيائه، وقرن معه ميكائيل في اللفظ؛ لأن اليهود زعموا أن جبرائيل عدوهم، وميكائيل وليهم، فأعلمهم الله تعالى أن من عادى واحداً منهما فقد عادى الآخر وعادى الله أيضاً؛ ولأنه أيضاً ينزل على أنبياء الله بعض الأحيان].

يعني: ميكائيل، وهذا ما ذكره المؤلف، والمعروف أن جبرائيل هو السفير بين الله وبين أنبيائه ورسله.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [كما قرن برسول الله صلى الله عليه وسلم في ابتداء الأمر].

والمعروف أن الذي قرن برسول الله ابتداءً هو جبريل، والمؤلف هنا كأنه يريد أن يقول: إن ميكائيل قرن برسول الله في أول الأمر، وهذا يحتاج إلى دليل؛ لأن المعلوم أن جبريل هو الذي نزل في أول البعثة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولكن جبرائيل أكثر وهي وظيفته، وميكائيل موكل بالنبات والقطر، هذاك بالهدى وهذا بالرزق، كما أن إسرافيل موكل بالنفخ في الصور للبعث يوم القيامة، ولهذا جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يقول: (اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم).

وقد تقدم ما حكاه البخاري.

ورواه ابن جرير عن عكرمة وغيره أنه قال: جبر وميك وإسراف: عبيد وإيل: الله.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن الأعمش عن إسماعيل بن أبي رجاء عن عمير مولى ابن عباس رضي الله عنهما عن ابن عباس قال: إنما كان قوله جبرائيل كقوله: عبد الله وعبد الرحمن، وقيل جبر: عبد، وإيل: الله.

وقال محمد بن إسحاق عن الزهري عن علي بن الحسين قال: أتدرون ما اسم جبرائيل من أسمائكم؟ قلنا: لا، قال: اسمه عبد الله، وكل اسم مرجعه إلى إيل فهو إلى الله عز وجل.

قال ابن أبي حاتم: وروي عن عكرمة ومجاهد والضحاك ويحيى بن يعمر نحو ذلك، ثم قال: حدثني أبي حدثنا أحمد بن أبي الحواري حدثني عبد العزيز بن عمير قال: اسم جبرائيل في الملائكة خادم الله.

قال فحدثت به أبا سليمان الداراني فانتفض، وقال: لِهذا الحديث أحب إلى من كل شيء في دفتر كان بين يديه، وفي جبرائيل وميكال لغات وقراءات تذكر في كتب اللغة والقراءات].

والدفتر الذي بين يديه فيه كتب الحديث، وقال هذا عن هذا القول؛ والسياق يقتضي أن تكون الجملة: (وكتبه في دفتر بين يديه).

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولم نطول كتابنا هذا بسرد ذلك، إلا أن يدور فهم المعنى عليه، أو يرجع الحكم في ذلك إليه، وبالله الثقة وهو المستعان].