للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:١٠٢]، قال سفيان الثوري: إلا بقضاء الله.

وقال محمد بن إسحاق: إلا بتخلية الله بينه وبين ما أراد].

المراد بالإذن في قوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:١٠٢] الإذن الكوني القدري، والإذن يكون كونياً ويكون شرعياً، فالشرعي يستفاد من قول الله تعالى في سورة الحشر: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [الحشر:٥]، أي: فبإذن الله الشرعي، والآية نزلت حينما حاصر المسلمون بني النضير، وقطع بعضهم النخيل إغاظة للعدو، ورأى بعضهم أن يتركه؛ لأنه مال سيئول إلى المسلمين وسيبقى لهم، فالله تعالى بين أنه من قطع نخيل بني النضير بقصد الإغاظة فهو على صواب، ومن أبقاه لأنه مال سيئول إلى المسلمين فهو على صواب، فصوب الله كلا الفريقين فقال تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} أي: نخلة {أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [الحشر:٥]، أي: فبإذن الله الشرعي.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقال الحسن البصري: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:١٠٢]، قال: نعم، من شاء الله سلطهم عليه ومن لم يشأ الله لم يسلط، ولا يستطيعون من أحد إلا بإذن الله كما قال الله تعالى].

وفي نسخة: (ولا يستطيعون ضر أحد إلا بإذن الله).

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وفي رواية عن الحسن أنه قال: لا يضر هذا السحر إلا من دخل فيه].

هذا ليس بجيد، فإن السحر لا يضر إلا إذا أذن الله كوناً وقدراً، وقد يدخل فيه ولا يضره.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله تعالى: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ} [البقرة:١٠٢]، أي: يضرهم في دينهم، وليس له نفع يوازي ضرره {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} [البقرة:١٠٢]، أي: ولقد علم اليهود الذين استبدلوا بالسحر عن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم لمن فعل فعلهم ذلك أنه ما له في الآخرة من خلاق].

قوله: [(استبدلوا بالسحر)] بالباء؛ لأن الباء تدخل على المتروك، مثل قوله: {وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} [النساء:٢]، فالمتروك هو الذي تدخل عليه الباء.

والأصل هو أن يقول: (استبدلوا السحر بمتابعة الرسول)؛ لأن متابعة الرسول هي المتروك والسحر هو المأخوذ، فتركوا متابعة الرسول وأخذوا بدله السحر، فاستبدلوا السحر بمتابعة الرسول.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال ابن عباس ومجاهد والسدي: من نصيب، وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: ما له في الآخرة من جهة عند الله، وقال عبد الرزاق وقال الحسن: ليس له دين، وقال سعيد عن قتادة: {مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} [البقرة:١٠٢]، قال: ولقد علم أهل الكتاب فيما عهد الله إليهم أن الساحر لا خلاق له في الآخرة].

الخلاق والنصيب والدين والحظ بمعنى واحد، وأما الجهة فليست واضحة.