للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[سحر الأوهام]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [إلا أنه ذكر فيه طريقهم في مخاطبة كل من هذه الكواكب السبعة، وكيفية ما يفعلون وما يلبسونه وما يتمسكون به.

قال: (والنوع الثاني): سحر أصحاب الأوهام والنفوس القوية، ثم استدل على أن الوهم له تأثير بأن الإنسان يمكنه أن يمشي على الجسر الموضوع على وجه الأرض ولا يمكنه المشي عليه إذا كان ممدوداً على نهر أو نحوه].

إذا وجد جذع على الأرض فإن الإنسان يمشي عليه ولا يتوهم؛ لأنه إذا سقط سقط على الأرض، أما إذا كان هناك جسر موضوع على نهر فيتوهم أنه سيسقط، فيسقط لأجل قوة الوهم، وهذا هو سحر الوهم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قال: وكما أجمعت الأطباء على نهي المرعوف عن النظر إلى الأشياء الحمر].

نهي الأطباء المرعوف من النظر إلى الشيء الأحمر لئلا يتوهم فيخرج منه الدم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والمصروع إلى الأشياء القوية اللمعان أو الدوران، وما ذلك إلا لأن النفوس خلقت مطيعة للأوهام.

قال: وقد اتفق العقلاء على أن الإصابة بالعين حق، وله أن يستدل على ذلك بما ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين).

قال: فإذا عرفت هذا فنقول: النفس التي تفعل هذه الأفاعيل قد تكون قوية جداً فتستغني في هذه الأفاعيل عن الاستعانة بالآلات والأدوات، وقد تكون ضعيفة فتحتاج إلى الاستعانة بهذه الآلات، وتحقيقه أن النفس إذا كانت مستعلية على البدن شديدة الانجذاب إلى عالم السموات صارت كأنها روح من الأرواح السماوية، فكانت قوية على التأثير في مواد هذا العالم، وإذا كانت ضعيفة شديدة التعلق بهذه الذات البدنية؛ فحينئذ لا يكون لها تأثير البتة إلا في هذا البدن، ثم أرشد إلى مداواة هذا الداء بتقليل الغذاء، والانقطاع عن الناس والرياء مراءاة الناس.

قلت: وهذا الذي يشير إليه هو التصرف بالحال، وهو على قسمين: تارة تكون حالاً صحيحة شرعية، يتصرف بها فيما أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويترك ما نهى الله تعالى عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم.

فهذه الأحوال مواهب من الله تعالى وكرامات للصالحين من هذه الأمة].

وإنما يعينهم الله بسبب التقوى، فيعمل الواحد منهم أعمالاً يعجز عنها مئات الناس وهو شخص واحد؛ لتوفيق الله وإعانته له بسبب تقواه وامتثاله أمر الله، وقد توجد عند شخصٍ أحوال شيطانية، فتعينه الشياطين بسبب تركه ما أمره الله به، واقترافه ما حرم الله عليه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولا يسمى هذا سحراً في الشرع، وتارة تكون الحال فاسدة لا يمتثل صاحبها ما أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يتصرف بها في ذلك، فهذه حال الأشقياء المخالفين للشريعة، ولا يدل إعطاء الله إياهم هذه الأحوال على محبته لهم، كما أن الدجال له من الخوارق للعادات ما دلت عليه الأحاديث الكثيرة مع أنه مذموم شرعاً لعنه الله، وكذلك من شابهه من مخالفي الشريعة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وبسط هذا يطول جداً، وليس هذا موضعه].

الدجال كافر، ومع ذلك يمكنه الله من إظهار الخوارق، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويمر بالخربة فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ويقطع الرجل نصفين ثم يقول له: قم، فيستوي قائماً، فمع كفره يعطيه الله الخوارق لحكمة بالغة.