للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل سورة الكهف والعشر الآيات من أولها وآخرها]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [سورة الكهف مكية وآياتها عشر ومائة.

ذكر ما ورد في فضلها والعشر الآيات من أولها وآخرها، وأنها عصمة من الدجال.

قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر , حدثنا شعبة عن أبي إسحاق , قال: سمعت البراء يقول: (قرأ رجل الكهف وفي الدار دابة، فجعلت تنفر، فنظر فإذا ضبابة أو سحابة قد غشيته، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ فلان، فإنها السكينة تنزل عند القرآن، أو تنزلت للقرآن) أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة به، وهذا الرجل الذي كان يتلوها هو أسيد بن الحضير كما تقدم في تفسير سورة البقرة.

وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد أخبرنا همام بن يحيى عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال) رواه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي من حديث قتادة به، ولفظ الترمذي: (من حفظ ثلاث آيات من أول الكهف) وقال: حسن صحيح.

(طريق أخرى) ـ قال الإمام أحمد: حدثنا حجاج حدثنا شعبة عن قتادة سمعت سالم بن أبي الجعد يحدث عن معدان عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال) ورواه مسلم أيضاً والنسائي من حديث قتادة به، وفي لفظ النسائي: (من قرأ عشر آيات من الكهف) فذكره].

هذه الأحاديث فيها فضل سورة الكهف، فهي تبين أن لها فضلاً عظيماً، فالحديث الأول: (لما قرأ الصحابي سورة الكهف وفي الدار دابة، فجعلت تنفر، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قال له النبي تلك السكينة تنزلت للقرآن) , والسكينة هي الملائكة, وقيل غير ذلك, وثبت في صحيح مسلم عن الرسول صلى الله عليه وسلم, أنه قال: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة, وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده) فهذا فضل عام في قراء ة القرآن والاجتماع عليه وتدارسه وتفهم معانيه، فهؤلاء تنزل عليهم السكينة وتغشاهم الرحمة وتحفهم الملائكة ويذكرهم الله فيمن عنده، وفي الأحاديث التي بعده فضل قراءة عشر آيات من أول سورة الكهف وآخرها, فمن حفظها وتدبرها وتأمل معانيها ووثق بوعد الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم, فإنه يحصل على فضل عظيم, وأنها عصمة من الدجال , والدجال يخرج في آخر الزمان يدعي الصلاح أولاً ثم يدعي النبوة, ثم يدعي الربوبية, ويقول للناس: أنا ربكم الأعلى, ومعه خوارق عظيمة يأتي ومعه جنة ونار، ويقطع رجلاً بالسيف ويسلط عليه ولا يسلط على أحد بعده, ويأمر السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت, ويمكث في الأرض أربعين يوماً، يوماً طوله كسنة ويوماً كشهر ويوماً كجمعة, وبقية أيامه كسائر أيامنا, هو فتنة عظيمة حتى إنا أمرنا في كل صلاة أن نستعيذ بالله من فتنة المسيح الدجال , وجاء في صحيح مسلم: (ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أو خلق أكبر من الدجال).

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [(حديث آخر) - وقد رواه النسائي في اليوم والليلة عن محمد بن عبد الأعلى عن خالد عن شعبة عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف فإنها عصمة له من الدجال) فيحتمل أن سالماً سمعه من ثوبان ومن أبي الدرداء.

وقال أحمد: حدثنا حسين حدثنا ابن لهيعة حدثنا زبان بن فايد عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قرأ أول سورة الكهف وآخرها كانت له نوراً من قدمه إلى رأسه، ومن قرأها كلها كانت له نوراً ما بين السماء والأرض) انفرد به أحمد ولم يخرجوه] هذا الحديث ضعيف، في سنده ابن لهيعة وهو ضعيف، وفيه زبان بن فايد وهو أيضاً ضعيف، وأخرجه الإمام أحمد وانفرد به، ولم يخرجه أصحاب الكتب الستة, والأحاديث الثابتة هي التي سبق ذكرها، ومنها (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال) , أما هذا الحديث أنه يكون له نور من قدمه إلى عنان السماء فهذا ضعيف.

قال: [وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره بإسناد له غريب عن خالد بن سعيد بن أبي مريم عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء، يضيء له يوم القيامة، وغفر له ما بين الجمعتين) وهذا الحديث في رفعه نظر، وأحسن أحواله الوقف].

يعني: هذا الحديث موقوف على ابن عمر ولا يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وهكذا روى الإمام سعيد بن منصور في سننه عن هشيم بن بشير عن أبي هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عباد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق) هكذا وقع موقوفاً، وكذا رواه الثوري عن أبي هاشم به من حديث أبي سعيد الخدري، وقد أخرجه الحاكم في مستدركه عن أبي بكر محمد بن المؤمل حدثنا الفضيل بن محمد الشعراني حدثنا نعيم بن حماد حدثنا هشيم حدثنا أبو هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عباد عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين الجمعتين) ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وهكذا رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في سننه عن الحاكم، ثم قال البيهقي: ورواه يحيى بن كثير عن شعبة عن أبي هاشم بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قرأ سورة الكهف كما نزلت كانت له نوراً يوم القيامة) وفي المختارة للحافظ الضياء المقدسي من حديث عبد الله بن مصعب عن منظور بن زيد بن خالد الجهني عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي مرفوعاً: (من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة فهو معصوم إلى ثمانية أيام من كل فتنة وإن خرج الدجال عصم منه).

هذه الأحاديث كما سبق فيها فضل هذه سورة الكهف، وفيها فضل حفظ عشر آيات من أولها ومن آخرها, وأنها عصمة من الدجال لمن تدبرها وتأملها وقرأها عن تصديق وإيمان.