للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل)]

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف:٥٤].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [يقول تعالى: ولقد بينا للناس في هذا القرآن ووضحنا لهم الأمور وفصلناها؛ كيلا يضلوا عن الحق ويخرجوا عن طريق الهدى، ومع هذا البيان وهذا الفرقان الإنسان كثير المجادلة والمخاصمة والمعارضة للحق بالباطل، إلا من هدى الله وبصره لطريق النجاة].

هذا هو أصل الإنسان، وهو أنه كثير الجدل وكثير المعارضة للحق، إلا من هداه الله، وقد بين الله تعالى هذا القرآن ووضحه وبين للناس فيه طريق الخير وطريق الشر، ومع ذلك فالإنسان كثير الجدل وكثير المعارضة للحق، إلا من هداه الله ووفقه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قال الإمام أحمد: حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري أخبرني علي بن الحسين أن حسين بن علي أخبره أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخبره (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فقال: ألا تصليان؟! فقلت: يا رسول الله! إنما أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا.

فانصرف حين قلت ذلك ولم يرجع إلي شيئاً، ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه ويقول: {وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف:٥٤]) أخرجاه في الصحيحين].

فقول علي: (أنفسنا بيد الله)، يعني: سننام، فإن شاء الله بعثنا.

فلم يعجب النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول، فولى ولم يرجع لهما قولاً، وضرب بيديه على فخذه، وقال: {وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف:٥٤].

يعني: ما كان ينبغي هذا من علي رضي الله عنه، وكان ينبغي له أن يقول -مثلاً-: سنفعل إن شاء الله، وسنبذل الأسباب.

وأما قوله: (أنفسنا بيد الله)، فمعناه: إننا لا ننام باختيارنا.

فلم يعجب قوله الرسول عليه الصلاة والسلام، فولى وهو يضرب يده في فخذه، ويقول: {وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف:٥٤] يعني أن هذا من الجدل.