للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من لطائف الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن لطائف الاستعاذة: أنها طهارة للفم مما كان يتعاطاه من اللغو والرفث، وتطييب له وهو يتهيأ لتلاوة كلام الله، وهي استعانة بالله واعتراف له بالقدرة، وللعبد بالضعف والعجز عن مقاومة هذا العدو المبين الباطني الذي لا يقدر على منعه ودفعه إلا الله الذي خلقه، ولا يقبل مصانعة، ولا يدارى بالإحسان، بخلاف العدو من نوع الإنسان كما دلت على ذلك آيات من القرآن في ثلاث من المثاني].

قوله: (المثاني) يعني: فوق المائة فهي في الأعراف والمؤمنون وفصلت، وهذه من المثاني.

قوله: [وقال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا} [الإسراء:٦٥]، وقد نزلت الملائكة لمقاتلة العدو البشري، فمن قتله العدو الظاهر البشري كان شهيداً، ومن قتله العدو الباطني كان طريداً، ومن غلبه العدو الظاهري كان مأجوراً].

وهذا في غزوة بدر وفي غزوة حنين لما نزلت الملائكة لقتال العدو البشري وهو الكافر، ومن قتله العدو البشري في الجهاد في سيبل الله فهو شهيد، ومن قتله العدو الباطني وهو الشيطان فهو مطرود من رحمة الله؛ لأنه غلبه نعوذ بالله.

قوله: [وقد نزلت الملائكة لمقاتلة العدو البشري، فمن قتله العدو الظاهري البشري كان شهيداً، ومن قتله العدو الباطني كان طريداً، ومن غلبه العدو الظاهري كان مأجوراً، ومن قهره العدو الباطني كان مفتوناً أو موزوراً، ولما كان الشيطان يرى الإنسان من حيث لا يراه استعاذ منه بالذي يراه ولا يراه الشيطان].

كما قال سبحانه {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف:٢٧]، هذا هو الأصل أن الشيطان يرى الإنسان ولا يراه, وقد يتبدى الجني للإنسان, وقد يظهر بعض الأحيان, لكن هذا قليل, والغالب والأصل: أن الشياطين والجن يرون الناس والناس ولا يرونهم، قال تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف:٢٧]، ولهذا إذا دخلت الحمام وسميت الله كان لك ستراً من الشيطان، فإن الشيطان يعمى، ولا يرى الإنسان إذا سمى, وقد جاء في الحديث الأمر بالاستعاذة وأن الشياطين تلعب بعورات بني آدم, أو كما جاء في الحديث، وقد يكون فيه ضعف، لكن معروف أن الشيطان يرى الإنسان, فإذا سمى صار بينه وبين الشيطان ستر وحجاب.