للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر ما جاء في كون يأجوج ومأجوج من بني آدم وكثرة تناسلهم]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال الطبراني: حدثنا عبد الله بن محمد بن العباس الأصبهاني حدثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا المغيرة بن مسلم عن أبي إسحاق عن وهب بن جابر عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن يأجوج ومأجوج من ولد آدم، ولو أرسلوا لأفسدوا على الناس معايشهم، ولن يموت منهم رجل إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً، وإن من ورائهم ثلاث أمم: تاويل، وتايس، ومنسك) هذا حديث غريب، بل منكر ضعيف].

لاشك في أنهم من بني آدم كما ثبت في الصحيحين، لكن هذا فيه أنهم ثلاث أمم، وهذا يحتاج إلى دليل واضح.

فالقول بأن وراءهم ثلاث أمم يخالف ظاهر القرآن.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وروى النسائي من حديث شعبة عن النعمان بن سالم عن عمرو بن أوس عن أبيه عن جده أوس بن أبي أوس مرفوعاً: (إن يأجوج ومأجوج لهم نساء يجامعون ما شاءوا، وشجر يلقحون ما شاءوا، ولا يموت منهم رجل إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً)].

لله الحكمة البالغة في كثرتهم، وهم مفسدون في الأرض، ولهذا جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ينادي الله تعالى يوم القيامة يقول: يا آدم! فيقول: لبيك وسعديك، فيقول: أخرج بعث النار، فيقول: يا رب! وما بعث النار؟ فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة، فشق ذلك على الصحابة، فقال: أبشروا فإن منكم واحداً ومن يأجوج ألفاً) وفي اللفظ الآخر: (أن يأجوج ومأجوج أمتان ما كانتا في شيء إلا كثرتاه)، يعني: أن عددهم كثير.

وقوله تعالى: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} فيه قولان لأهل العلم: القول الأول: أن هذا في الدنيا، وأنهم -أي: يأجوج ومأجوج- إذا خرب السد وجعله الله دكاً صار بعضهم يموج في بعض؛ لكثرتهم وإفسادهم في الأرض.

والقول الثاني: أن هذا يوم القيامة، يعني: يموج الجن والإنس يوم القيامة، ولهذا قال: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} [الكهف:٩٩].