للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [{يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم:٧].

هذا الكلام يتضمن محذوفاً وهو أنه أجيب إلى ما سأل في دعائه فقيل له: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} [مريم:٧]، كما قال تعالى: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران:٣٨ - ٣٩].

وقوله: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم:٧] قال قتادة وابن جريج وابن زيد: أي: لم يسم أحداً قبله بهذا الاسم، واختاره ابن جرير رحمه الله].

والمراد بالمحراب مكان الصلاة، ومنه قوله تعالى في قصة داود: {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [ص:٢١]، يعني: تسوروا الجدار وجاءوا إليه في مكان صلاته، وما تعارف عليه الناس من أن المحراب هو المكان الذي يكون فيه الإمام أثناء صلاته بالناس أو الجزء الذي يكون في مقدم المسجد فهذا اصطلاح محدث جديد فالمراد بالمحراب مكان الصلاة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال مجاهد: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم:٧]، أي: شبيهاً].

أخذه من معنى قوله: {فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم:٦٥]، أي: شبيهاً، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أي: لم تلد العواقر قبله مثله، وهذا دليل على أن زكريا عليه السلام كان لا يولد له، وكذلك امرأته كانت عاقراً من أول عمرها].

وسيأتي أيضاً أن الله تعالى وصفه بأنه سيداً وحصوراً قيل: الحصور الذي لا يأتي النساء، وقيل غير ذلك.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [بخلاف إبراهيم وسارة عليهما السلام، فإنهما إنما تعجبا من البشارة بإسحاق على كبرهما لا لعقرهما].

لأن إبراهيم عليه السلام ولد له إسماعيل قبل إسحاق، فبينهما ما يقارب اثنتي عشرة سنة، فإبراهيم عليه الصلاة والسلام ليس عقيماً، إنما ولد له من هاجر إسماعيل، لكنه تعجب من الولد مع كبر السن.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولهذا قال: {قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} [الحجر:٥٤]، مع أنه كان قد ولد له قبله إسماعيل بثلاث عشرة سنة، وقالت امرأته: {قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود:٧٢ - ٧٣]].