للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حلم الله عز وجل على عباده]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن سعيد بن جبير عن أبي عبد الرحمن السلمي عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله، إنه يشرك به ويجعل له ولد وهو يعافيهم ويدفع عنهم ويرزقهم) أخرجاه في الصحيحين، وفي لفظ: (إنهم يجعلون له ولداً وهو يرزقهم ويعافيهم).

وقوله: ((وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا)) أي: لا يصلح له ولا يليق به لجلاله وعظمته؛ لأنه لا كفء له من خلقه؛ لأن جميع الخلائق عبيد له؛ ولهذا قال: ((إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا)) ((لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا)) أي: قد علم عددهم منذ خلقهم إلى يوم القيامة ذكرانهم وإناثهم وصغيرهم وكبيرهم].

وذلك لأنه سبحانه وتعالى هو الذي أوجدهم وهو الذي خلقهم من عدم وهو لا يخفى عليه شيء من خلقه {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:١٤] قوله: ((وَمَا يَنْبَغِي)) هذه عامة، يقال للشيء المحرم: ما ينبغي للإنسان أن يفعل كذا، ويقال للشيء الذي تركه أولى: ما ينبغي، فهي عامة.

وهذه الكلمة قد يقولها بعض العلماء وبعض الأئمة في الفتوى من باب التورع، يقال: لا ينبغي للإنسان أن يفعل كذا، أو ينبغي للإنسان ألا يفعل هذا؛ لكونه محرماً أو لكون تركه أولى، والله تعالى يقول: ((وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا)) يعني: هذا أمر عظيم لا ينبغي ولا يليق به سبحانه؛ لكمال عظمته وكمال وحدانيته وألوهيته وربوبيته لا ينبغي له أن يتخذ ولداً.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [{وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم:٩٥] أي: لا ناصر له ولا مجير إلا الله وحده لا شريك له، فيحكم في خلقه بما يشاء، وهو العدل الذي لا يظلم مثقال ذرة، ولا يظلم أحداً].

أي: لا نجاة ولا حول ولا قوة إلا بالله، فمن كان عمله صالحاً ولقي الله بالتوحيد والعمل الصالح نجا، ومن لقي الله بالشرك فهو هالك والعاصي على خطر نسأل الله السلامة والعافية.