للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بيان المراد بالحروف المقطعة]

والأرجح في هذه الحروف المقطعة: أن الله تعالى أعلم بمرداه منها، قال شيخ الإسلام رحمه الله: إن فيها إشارة إلى عظمة وإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، مع أن القرآن مركب من الحروف الهجائية الثمانية والعشرين التي يتكلم بها العرب، إلا أنهم لم يستطيعوا أن يأتوا بمثله، ولهذا تحداهم الله أن يأتوا بمثله فعجزوا، وتحداهم أن يأتوا بعشر سور فعجزوا، بل وتحداهم أن يأتوا بسورة فعجزوا، ولهذا فكل سورة افتتحت بالحروف المقطعة لا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن، وبيان إعجازه وعظمته، وهذا معلوم بالاستقراء في تسع وعشرين سورة مثل: {طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه:١ - ٢]، {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة:١ - ٢]، {الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ} [آل عمران:١ - ٣]، وغير ذلك من الآيات.

قوله: (طه) حرفان من حروف الهجاء، طاء، وهاء، ومثلها: ن، ق، الم، الر، المص.

وأما ما يذكره بعض الناس أن: (طه) اسم من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم فلا أعرف لهذا أصل.

قال المؤلف رحمه الله: [وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسين بن محمد بن شيبة الواسطي، حدثنا أبو أحمد -يعني الزبيري - أنبأنا إسرائيل عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: طه: يا رجل].

ومحمد بن شنبة بفتح المعجمة والنون والموحدة الواسطي، أبو عبد الله البزاز، صدوق، الأربعة.

بعده الحسين بن معاذ، وقبله الحسين بن محمد بن زياد العبدي.

قال المؤلف رحمه الله: [وهكذا روي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعطاء ومحمد بن كعب وأبو مالك وعطية العوفي والحسن وقتادة والضحاك والسدي وابن أبزى أنهم قالوا: (طه) بمعنى: يا رجل.

وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير والثوري أنها كلمة بالنبطية معناها يا رجل.

وقال أبو صالح: هي معربة.

وأسند القاضي عياض في كتابه الشفاء من طريق عبد بن حميد في تفسيره: حدثنا هاشم بن القاسم عن ابن جعفر عن الربيع بن أنس قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى، فأنزل الله تعالى: ((طه)) [طه:١] يعني: طأ الأرض يا محمد! {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه:٢] ثم قال: ولا يخفى بما في هذا من الإكرام وحسن المعاملة).

وقوله: {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه:٢] قال جويبر عن الضحاك: لما أنزل الله القرآن على رسوله صلى الله عليه وسلم قام به هو وأصحابه، فقال المشركون من قريش: ما أنزل هذا القرآن على محمد إلا ليشقى، فأنزل الله تعالى: {طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} [طه:١ - ٣]].

وجويبر هذا ضعيف.