للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كروية الأرض]

قال المؤلف رحمه الله: [وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب حدثنا عمي حدثنا عبد الله بن عياش حدثنا عبد الله بن سليمان عن دراج عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الأرضين بين كل أرض والتي تليها مسيرة خمسمائة عام، والعليا منها على ظهر حوت، قد التقى طرفاه في السماء، والحوت على صخرة، والصخرة بيد الملك، والثانية سجن الريح، والثالثة فيها حجارة جهنم، والرابعة فيها كبريت جهنم، والخامسة فيها حيات جهنم، والسادسة فيها عقارب جهنم، والسابعة فيها سقر، وفيها إبليس مصفد بالحديد أمامه ويد خلفه فإذا أراد الله أن يطلقه لما يشاء أطلقه) وهذا حديث غريب جداً، ورفعه فيه نظر].

لا شك أن الأرض كروية، بل جميع الأفلاك كروية، أي: مستديرة الشكل، والنصوص واضحة في ذلك: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} [الزمر:٥] والتكوير بمعنى التدوير، ولو كانت الأرض مربعة أو مسدسة ما قال: يكور.

وهي في شكل الكرة لكنها مسطحة، قال تعالى: س {وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية:٢٠] أي: مسطحة ومستديرة، وليست مربعة ولا مسدسة.

وأما هذا الخبر فهو من أخبار بني إسرائيل؛ قال عنه المحقق: ورواه ابن مندة في كتاب التوحيد من طريق حرملة بن يحيى عن عبد الله بن وهب بنحوه.

ورواه الحاكم في المستدرك من طريق: بحر بن نصر عن عبد الله بن وهب عن عبد الله بن عياش عن عبد الله بن سليمان عن دراج عن أبي الهيثم عن عكرمة بن هلال عن عن عبد الله بن عمرو بمثله فزاد (أبو الهيثم في إسناده، وقال: صحيح، ولم يخرجاه.

وتعقبه الذهبي بقوله: بل منكر؛ فيه عبد الله بن عياش ضعفه أبو داود وعند مسلم أنه: ثقة، ودراج كثير المناكير والحديث ضعيف مثلما قال المؤلف ورفعه فيه نظر، ولعله من أخبار بني إسرائيل؛ فإن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أصاب زاملتين يوم اليرموك فكان يحدث منهما عن بني إسرائيل، وهذا مما أخذه منهما.

قال المؤلف رحمه الله: [وقال الحافظ أبو يعلى في مسنده: حدثنا أبو موسى الهروي عن العباس بن الفضل قال: قلت: ابن الفضل الأنصاري؟ قال: نعم، عن القاسم بن عبد الرحمن عن محمد بن علي عن جابر بن عبد الله قال: (كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فأقبلنا راجعين في حر شديد، فنحن متفرقون بين واحد واثنين منتشرين، قال: وكنت في أول العسكر إذ عارضنا رجل فسلم، ثم قال: أيكم محمد؟ ومضى أصحابي ووقفت معه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقبل في وسط العسكر على جمل أحمر مقنع بثوبه على رأسه من الشمس، فقلت: أيها السائل، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أتاك.

فقال: أيهم هو؟ فقلت: صاحب البكر الأحمر.

فدنا منه، فأخذ بخطام راحلته، فكف عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أنت محمد؟ قال: نعم.

قال: إني أريد أن أسألك عن خصال لا يعلمهن أحد من أهل الأرض إلا رجل أو رجلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سل عما شئت.

قال: يا محمد، أينام النبي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تنام عيناه ولا ينام قلبه.

قال: صدقت.

ثم قال: يا محمد، من أين يشبه الولد أباه وأمه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماء الرجل أبيض غليظ، وماء المرأة أصفر رقيق، فأي الماءين غلب على الآخر نزع الولد.

فقال صدقت.

فقال: ما للرجل من الولد وما للمرأة منه؟ فقال: للرجل العظام والعروق والعصب، وللمرأة اللحم والدم والشعر قال: صدقت.

ثم قال: يا محمد، ما تحت هذه، يعني الأرض؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق.

فقال: فما تحتهم؟ قال: أرض.

قال: فما تحت الأرض؟ قال الماء قال: فما تحت الماء؟ قال: ظلمة.

قال: فما تحت الظلمة؟ قال: الهواء.

قال: فما تحت الهواء؟ قال: الثرى.

قال: فما تحت الثرى؟ ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء، وقال: انقطع علم الخلق عند علم الخالق، أيها السائل، ما المسئول عنها بأعلم من السائل؟ قال: فقال: صدقت، أشهد أنك رسول الله.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس، هل تدرون من هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.

قال: هذا جبريل عليه السلام).

هذا حديث غريب جدًا وسياق عجيب، تفرد به القاسم بن عبد الرحمن هذا، وقد قال فيه يحيى بن معين: ليس يساوي شيئًا، وضعفه أبو حاتم الرازي، وقال ابن عدي: لا يعرف.

قلت: وقد خلط في هذا الحديث، ودخل عليه شيء في شيء وحديث في حديث، وقد يحتمل أنه تعمد ذلك أو أدخل عليه فيه، والله أعلم].