للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسماء الله لا حصر لها]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [الله علم على الرب تبارك وتعالى، يقال: إنه الاسم الأعظم؛ لأنه يوصف بجميع الصفات، كما قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر:٢٢ - ٢٤] فأجرى الأسماء الباقية كلها صفات له كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:١٨٠]، وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء:١١٠].

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة)، وجاء تعدادها في رواية الترمذي وابن ماجة].

تعداد: بفتح التاء؛ لأن المصادر كلها بالفتح، كتكرار وترداد، ومن الخطأ كسر التاء هنا إلا في مصدرين: تبيان وتلقاء، بكسر التاء، وما عدا ذلك يكون بالفتح.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وبين الروايتين اختلاف زيادة ونقصان].

الاسم الكريم: الله، علم على الرب سبحانه وتعالى لا يطلق إلا عليه سبحانه وتعالى، وهو أعرف المعارف، وجميع الصفات والأسماء ترجع إليه، و (الله) من التأله والتعبد، أي: هو المألوه المعبود الذي تألهه القلوب وتخضع له وتذل له، ولا حياة لها ولا نور ولا سعادة إلا بالتأله والتعبد لله عز وجل وإخلاص العبادة له سبحانه وتعالى ففي القلوب فقر ذاتي لا يسده إلا التجاؤها إلى الله وتألهها وتعبدها وإخلاصها له، وهذا الفقر في قلوب جميع الخلائق ولا يسده ولا يزيل الشدة والكرب والمشقة والتعب إلا رجوعها إلى الله وتألهها وتعبدها وخضوعها له، والإله بمعنى: المألوه المعبود الذي تألهه القلوب وتخضع له وتذل له سبحانه وتعالى، واسم (الله) مشتق على الصحيح، فهو اسم وصفة، فهو اسم على معنى الرب وهو مشتمل على صفة الألوهية، وأسماء الله كثيرة لا حصر لها، وأما حديث: (إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة)، فهي أسماء موصوفة بهذه الصفة، والمعنى: أن لله تسعة وتسعين اسماً موصوفة بأن من أحصاها دخل الجنة، وله أسماء أخرى غير موصوفة بهذا الوصف، كما تقول: عندي مائة فرس أعددتها للجهاد في سبيل الله، أي: وعندي مئات أخرى ما أعددتها للجهاد، بل أعددتها للعمل مثلاً، ويدل على هذا حديث ابن مسعود: (اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك)، إذاً: هناك أسماء استأثر الله بها في علم الغيب عنده، فليست أسماؤه محصورة بهذا العدد، وإنما هذه الأسماء التسعة والتسعون موصوفة بأن من أحصاها دخل الجنة، والإحصاء معناه حفظها والعمل بها وسؤال الله بها، والتوسل إليه سبحانه وتعالى بها، وهذه الأسماء التسعة والتسعون ليست معروفة، وإنما أحصاها الله سبحانه وتعالى حتى يتعرفها العباد ويطلبونها من نصوص الكتاب والسنة، كما أخفيت ساعة الجمعة، وكما أخفيت ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان حتى يجتهد العباد في طلبها ومعرفتها، وكذلك هذه الأسماء أخفيت فليست معروفة، وأما الحديث الذي فيه تعدادها فهو ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو مدرج من بعض الرواة، كما قال بهذا أهل العلم.

وإحصاؤها يشمل حفظها والعمل بها، والتخلق بما يمكن التخلق بها، والتوسل إلى الله بها.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقد ذكر الرازي في تفسيره عن بعضهم أن لله خمسة آلاف اسم، ألف في الكتاب والسنة الصحيحة، وألف في التوراة، وألف في الإنجيل، وألف في الزبور، وألف في اللوح المحفوظ].

وهذا ليس عليه دليل، بل الصواب أنها ليست محصورة ولا يعلم عددها إلا هو سبحانه وتعالى كما سبق في الحديث: (أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك) فهناك أسماء استأثر الله بها في علم الغيب عنده، فكيف يقال: إنها محصورة بخمسة آلاف اسم!