للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (قال فما بال القرون الأولى)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [{قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى} [طه:٥١].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [أصح الأقوال في معنى ذلك: أن فرعون لما أخبره موسى بأن ربه الذي أرسله هو الذي خلق ورزق وقدر فهدى، شرع يحتج بالقرون الأولى، أي: الذين لم يعبدوا الله، أي: فما بالهم إذا كان الأمر كذلك لم يعبدوا ربك بل عبدوا غيره؟ فقال له موسى صلى الله عليه وسلم في جواب ذلك: هم وإن لم يعبدوه فإن علمهم عند الله مضبوط عليهم، وسيجزيهم بعملهم في كتاب الله، وهو اللوح المحفوظ وكتاب الأعمال {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى} [طه:٥٢]، أي: لا يشذ عنه شيء، ولا يفوته صغير ولا كبير، ولا ينسى شيئاً.

يصف علمه تعالى بأنه بكل شيء محيط، وأنه لا ينسى شيئاً تبارك وتعالى وتقدس وتنزه، فإن علم المخلوق يعتريه نقصانان، أحدهما: عدم الإحاطة بالشيء، والآخر نسيانه بعد علمه، فنزه نفسه عن ذلك].

وهذه الآية وهي قوله: {فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى} [طه:٥١] حجة المشركين، وهي اتباع الأسلاف والآباء والأجداد في الضلال، فالواجب على كل إنسان أن يتبع الدليل ولا يتبع الآباء والأجداد والسابقين إذا كانوا على الباطل، ولهذا أخبر الله عن الكافرين أنهم قالوا: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف:٢٢]، الأمة: هي الدين، كما أن هذا الكلام هو الحجة القرشية، فقد احتجت بها قريش، وهي أيضاً حجة فرعون حيث قال: إذا كان ربك هو الذي أعطى كل شيء خلقه فهدى فلماذا القرون الأولى ما عبدوا الله؟ وكما أخبر الله أيضاً عن قريش بقوله: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ} [ص:٧]، ولهذا فالشيخ محمد رحمه الله يقول حينما بين التوحيد وأنه يجب اتباع الحق قال: إن سلمك الله من هذه الحجة {فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى} [طه:٥١] وهي حجة فرعون، أو من الحجة القرشية: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ} [ص:٧]، فاتباع الآباء والأجداد واتباع السابقين في الباطل حجة باطلة.

والواجب اتباع الحجة والدليل والعمل بالشرع، فإذا جاء الهدى من الله اعمل به ولا تنظر إلى السابقين الهالكين.