للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا)]

قال الله تعالى: [ثم قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى * قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى} [طه:١٣٤ - ١٣٥].

قال المؤلف رحمه الله: [أي: لو أنا أهلكنا هؤلاء المكذبين قبل أن نرسل إليهم هذا الرسول الكريم، وننزل عليهم هذا الكتاب العظيم لكانوا قالوا: رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا قبل أن تهلكنا حتى نؤمن به ونتبعه، كما قال: {فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} [طه:١٣٤]، يبين تعالى أن هؤلاء المكذبين متعنتون معاندون لا يؤمنون، {وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ} [يونس:٩٧]، كما قال تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأنعام:١٥٥] إلى قوله: {بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ} [الأنعام:١٥٧]، وقال: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ} [فاطر:٤٢]، وقال: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا} [الأنعام:١٠٩] الآيتين، ثم قال تعالى: {قُلْ} [طه:١٣٥] أي: يا محمد! لمن كذبك وخالفك واستمر على كفره وعناده، {كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ} [طه:١٣٥] أي: منا ومنكم، {فَتَرَبَّصُوا} [طه:١٣٥] أي: فانتظروا].

أي: أنا منتظر ما وعدني الله به من إظهار الدين، وسوف يأتيكم ما وعدتم في الدنيا أو في الآخرة، فكل منا منتظر، ونزلت هذه الآية قبل أن يؤمر عليه الصلاة والسلام بالجهاد.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [{فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ} [طه:١٣٥] أي: الطريق المستقيم، {وَمَنِ اهْتَدَى} [طه:١٣٥] إلى الحق وسبيل الرشاد، وهذا كقوله تعالى: {وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان:٤٢]، وقال: {سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنَ الْكَذَّابُ الأَشِرُ} [القمر:٢٦]، آخر تفسير سورة طه.

ولله الحمد والمنة، ويتلوه إن شاء الله تفسير سورة الأنبياء، ولله الحمد].