للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إثبات علو الله تعالى]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: {إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء:١٧] قال قتادة والسدي وإبراهيم النخعي ومغيرة بن مقسم: أي: ما كنا فاعلين، وقال مجاهد: كل شيء في القرآن (إن) فهو إنكار.

وقوله: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ} [الأنبياء:١٨] أي: نبين الحق فيدحض الباطل؛ ولهذا قال: {فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء:١٨] أي: ذاهب مضمحل، {وَلَكُمُ الْوَيْلُ} [الأنبياء:١٨] أيها القائلون لله ولد {مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء:١٨] أي: تقولون وتفترون.

ثم أخبر تعالى عن عبودية الملائكة له ودأبهم في طاعته ليلاً ونهاراً، فقال: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ} [الأنبياء:١٩]، يعني: الملائكة {لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} [الأنبياء:١٩] أي: لا يستنكفون عنها، كما قال تعالى: {لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} [النساء:١٧٢].

وقوله: {وَلا يَسْتَحْسِرُونَ} [الأنبياء:١٩] أي: لا يتعبون ولا يملون {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء:٢٠]، فهم دائبون في العمل ليلاً ونهاراً، مطيعون قصداً وعملاً، قادرون عليه كما قال تعالى: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:٦]].

وهذه الآية من أدلة صفة العلو لله عز وجل، قال تعالى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ} [الأنبياء:١٩]، فإن الله سبحانه وتعالى أخبر أن له من في السموات ومن في الأرض كلها، ثم خص الملائكة فقال: ((وَمَنْ عِنْدَهُ)).

فدل على ثبوت العلو، ولو كانت الملائكة وغيرها سواء لصارت الملائكة وغيرها كلها في العلية سواء، فلما أخبر أنه له من في السموات والأرض وخص الملائكة بالعندية دل على أنهم عند الله في العلو، قال تعالى: {وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ} [الأنبياء:١٩]، وهم الملائكة.