للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا)]

قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ * وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:٢٤ - ٢٥].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [يقول تعالى: ((اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ)) يا محمد! ((هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ)) أي: دليلكم على ما تقولون ((هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ)) يعني: القرآن، ((وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي)) يعني: الكتب المتقدمة على خلاف ما تقولون وتزعمون، فكل كتاب أنزل على كل نبي أرسل ناطق بأنه لا إله إلا الله، ولكن أنتم أيها المشركون لا تعلمون الحق، فأنتم معرضون عنه، ولهذا قال: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا يوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون].

قراءة حفص عن عاصم: (نوحي)، وهناك قراءة سبعية وهي: (وما أسلنا من قبلك من رسول إلا يوحى إليه).

وهذه الآيات فيها تقرير توحيد الله عز وجل، وأن الله تعالى هو المستحق للعبادة دونما سواه، وأنه لا صلاح ولا قيام للسموات والأرض إلا بأن يكون الإله واحداً، وأن يكون هذا الإله هو الله عز وجل، وأن فساد السموات والأرض لازم بوجود آلهة غير الله، قال: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء:٢٢].

فلو: حرف امتناع لامتناع، وهذا شرط تقديري لا يمكن وقوعه، فلا يمكن أن يكون فيهما إله غير الله، ولكن هذا شرط تقديري لبيان مقادير الأشياء، كقوله تعالى: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء:١٧]، وقوله: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} [الزمر:٤].

وقوله لنبيه: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر:٦٥]، والنبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الشرك، لكن الآية لبيان مقدار الشرك وأن أمره عظيم، وأنه يحبط الأعمال.