للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين)]

قال الله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ * بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلا هُمْ يُنظَرُونَ} [الأنبياء:٣٨ - ٤٠].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [يخبر تعالى عن المشركين أنهم يستعجلون أيضاً بوقوع العذاب بهم؛ تكذيباً وجحوداً وكفراً وعناداً واستبعاداً، فقال: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [يونس:٤٨].

قال الله تعالى: {لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ} [الأنبياء:٣٩] أي: لو تيقنوا أنها واقعة بهم لا محالة لما استعجلوا به، ولو يعلمون حين يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} [الزمر:١٦]، {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعراف:٤١].

وقال في هذه الآية: {حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ} [الأنبياء:٣٩]، وقال: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ} [إبراهيم:٥٠]، فالعذاب محيط بهم من جميع جهاتهم {وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ} [الأنبياء:٣٩] أي: لا ناصر لهم كما قال: {وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ} [الرعد:٣٤].

وقوله: {بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً} [الأنبياء:٤٠] أي: تأتيهم النار بغتة، أي: فجأة {فَتَبْهَتُهُمْ} [الأنبياء:٤٠] أي: تذعرهم، فيستسلمون لها حائرين لا يدرون ما يصنعون].

وفي نسخة أخرى: تفزعهم، وتذعرهم وتفزعهم متقاربة، فهذا من الذعر وهذا من الفزع، وفي نسخة أخرى فتدعوهم، أي: تدعوهم إليها، نسأل الله العافية.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [{فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا} [الأنبياء:٤٠] أي: ليس لهم حيلة في ذلك.

{وَلا هُمْ يُنظَرُونَ} [الأنبياء:٤٠]، أي: ولا يؤخر عنهم ذلك ساعة واحدة.