للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ذلك بأن الله يولج الليل في النهار وأن الله هو العلي الكبير)]

قال الله تعالى: [{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [الحج:٦١ - ٦٢]].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [يقول تعالى منبهاً على أنه الخالق المتصرف في خلقه بما يشاء، كما قال: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران:٢٦ - ٢٧]، ومعنى إيلاجه الليل في النهار والنهار في الليل إدخاله من هذا في هذا، ومن هذا في هذا، فتارة يطول الليل ويقصر النهار، كما في الشتاء، وتارة يطول النهار ويقصر الليل، كما في الصيف].

أي: من حكمة الله تعالى أنه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، بحيث: يدخل هذا في هذا، وهذا في هذا، ففي فصل الشتاء يولج الليل في النهار، فيطول الليل حتى ينتهي في الطول، في شدة البرد، والنهار ينتهي في القصر، ثم يولج النهار في الليل، فلا يزال النهار يأخذ من الليل حتى يتساوى الليل والنهار، في أول فصل الربيع، ثم لا يزال النهار يطول حتى ينتهي النهار في الطول في شدة الحر في شدة الصيف، وينتهي الليل في القصر، ثم يولج الليل في النهار، فيأخذ الليل من النهار، ولا يزال يأخذ حتى يتساوى الليل والنهار، في فصل الخريف، ثم لا يزال الليل يطول حتى ينتهي الطول في فصل الشتاء، وهكذا.

ولله الحكمة البالغة.

وبهذا تحصل الفصول الأربعة: الربيع، والخريف، والشتاء، والصيف، ويتساوى الليل والنهار في أول فصل الخريف، وفي أول فصل الربيع، مرتين، وينتهي الليل في الطول في الشتاء، وينتهي النهار في الطول في الصيف.