للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بيان لطف الله عز وجل ورحمته بعباده]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [{وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [الحج:٦٥]، أي: لو شاء لأذن للسماء فسقطت على الأرض فهلك من فيها، ولكن من لطفه ورحمته وقدرته يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، ولهذا قال: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحج:٦٥]، أي: مع ظلمهم، كما قال في الآية الأخرى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ} [الرعد:٦]، وقوله: {وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ} [الحج:٦٦]، كقوله: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:٢٨]، وقوله: {قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ} [الجاثية:٢٦]، وقوله: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر:١١]، ومعنى الكلام: كيف تجعلون لله أنداداً وتعبدون معه غيره، وهو المستقل بالخلق والرزق والتصرف؟! {وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ} [الحج:٦٦]، أي: خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئًا يذكر، فأوجدكم، {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} [الحج:٦٦]، أي: يوم القيامة، {إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ} [الحج:٦٦]، أي: جحود].

قوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر:١١]، يعني: حصل لهم موتتان وحياتان: أما الموتة الأولى فحين كانوا عدماً في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم، ثم أحياهم الله فعاشوا في الدنيا، وأما الموتة الثانية فهي التي كتبها الله عليهم، ثم يحييهم في الآخرة، فهما موتتان وحياتان.