للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مدى صحة القول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى ربه جل وعلا]

السؤال

ينتشر عند بعض طلبة العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ربه، ويستدلون بالحديث الذي رواه الترمذي رحمه الله وفيه: (رأيت البارحة ربي في أبها صورة)، ويقولون: إن الإمام أحمد رأى ربه، وإن هناك من العلماء أو طلبة العلم من رأى ربه، فما رأيكم؟

الجواب

رؤية الله في المنام ليس فيها إشكال، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: جميع الطوائف أثبتوا هذا ولا ينكره إلا الجهمية، فمن شدة إنكارهم لرؤية الله أنهم أنكروا حتى الرؤية في المنام، وأما غيرهم من جميع الطوائف فأثبتوها، فلا يوجد إشكال، والحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (رأيت ربي في أحسن صورة، فقال: يا محمد، بم يختصم الملأ الأعلى، فقلت: لا أدري -لا أعلم- فوضع كفه بين كتفيه حتى وجدت برد أنامله، فعلمت).

والحديث معروف بحديث اختصام الملأ الأعلى، وقد شرحه الحافظ ابن رجب رحمه الله في رسالة مستقلة اسمها: شرح حديث اختصام الملأ الأعلى، وأوله: (رأيت ربي في أحسن صورة).

وكذلك أيضاً الرؤية في المنام لا إشكال فيها وهي ثابتة، ولا يلزم من ذلك التشبيه، وإنما يرى ربه على حسب اعتقاده، فإن كان اعتقاده سليماً رأى ربه في صورة حسنة، وإن كان اعتقاده غير سليم رأى ربه في مثل صورة اعتقاده، ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم أصح الناس اعتقاداً قال: (رأيت ربي في أحسن صورة)، فرؤية المنام غير الرؤية في اليقظة، فالله تعالى لا يراه أحد في الدنيا، ولا يرى إلا يوم القيامة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر)، ولما سأل موسى ربه الرؤية في الدنيا قال الله: {لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف:١٤٣]، وحتى النبي صلى الله عليه وسلم الصواب أنه ما رآه ليلة المعراج بعين رأسه وإنما رآه بعين قلبه، ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم: (هل رأيت ربك؟ قال: نور أنى أراه)، وفي لفظ: (رأيت نوراً)، في حديث أبي موسى في صحيح مسلم: (حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه).

وأول الحديث: (إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام)، وأما الرؤية في المنام فهي غير الرؤية في اليقظة.