للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كدر، وعلا رأسه المشيب مما بلغ من كبر؛ كأنما صب الزيت على مائه، أو غشي صباح غديره بظلمائه؛ وقد أصبح كأنه نقيع حناء، وبقية ما عل أرقمه من زمان حواء؛ لا تقربه الدواب ولا كثير من الناس، ولا تهون المصيبة به إلا إذا وجد بعد الإياس.

في السفن: وأطار من السفن كل خفيفة الجناح، خفية الجماح؛ تمد من القلوع أجنحة، وتعد من المجاذيف أسلحة؛ تجل أن تقاس بدهم الخيل، أو تشبه نجب قلوعها المنشرة بنهار أو ليل؛ قد اتخذت سماء البحر ميدانا، وحطت على موجة البحر غربانا؛ وشالت انفها تتنسم الأرواح، ومدت كفها وكتب على الماء ما خطت في الألواح؛ فكأن كل واحدة منها على البحر ثوب فيه قصر، وكأن الماء عين محدقة وهو فيها سواد البصر.

في السمك: وثم من عجائب المخلوقات ما يتجاوز طور العقل، ويتجوز فيه أهل النقل؛ ومنها نوع السمك الذي تنوعت مخلوقاته، واجتمعت في البحر متفرقاته؛ وحسن في ذلك المهرق منه تعريف كل نون، واجتلاء كل حسناء كأنها بيض مكنون؛ وتنوع ما يخرج من البحر من ذلك اللحم الطري، وطلوع كل حوت ما يعوزه إلا المشتري؛ وبيان كل بنية كأنما يقشر منها سبيكة فضة، أو تخرج منها جمارة

<<  <   >  >>