للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث معاذ: (اتقوا الملاعن الثلاثة)]

ثم أورد أبو داود حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اتقوا الملاعن الثلاثة: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل).

هذا الحديث مثل الذي قبله؛ حيث أطلق على الأماكن بأنها ملاعن؛ لأن من فعل ذلك فيها يكون سبباً في لعن الناس له فيها.

والبراز في الموارد يعني: قضاء الحاجة فيها.

والأصل في البراز أنه الفضاء الواسع، ولكن كني به عن قضاء الحاجة في موارد الماء، وموارد الماء هي: الأماكن التي يرد الناس فيها على الماء أو الطرق التي تؤدي إليه؛ فإن ذلك مما يحتاج الناس إليه، وقضاء الحاجة فيه يعرض المار لوطء النجاسة أو لرؤية المنظر الكريه والمنظر السيء، وكل ذلك فيه إيذاء للناس.

وكذلك قارعة الطريق، وقارعة الطريق هي: المكان الذي يسلكه الناس، وهي الجادة، وسميت (قارعة)؛ لأن أقدامهم تقرعها، فيكون الطريق بيّناً واضحاً بسبب توارد الأقدام وتكررها عليه، وقد يكون الطريق -إذا كان في أرض سهلة- حفرة على طول الطريق؛ بحيث يحفر في الأرض على مقدار الجادة التي تطؤها الأقدام، وهذا شيء مشاهد ومعاين ومعروف في الأماكن التي ليست مزفلتة وليست مرصوفة بأشياء صلبة، فإن تكرر وطء الأقدام على مكان معين أو على طريق معين يؤثر ذلك فيه حتى يكون واضحاً.

فالقارعة: هي وسط الطريق أو المكان الذي تقرعه أقدام الناس، فتؤثر فيه بتكرر مشيها ووطئها عليه، والظل أي: الذي يحتاج الناس إليه، وليس كل ظل يمنع قضاء الحاجة فيه، وكذلك لا يمنع الطريق الذي هو مهجور أو أن سلوكه نادر.

فالمكان الذي اعتاد الناس أن يمشوا فيه وأن يسلكوه، أو الظل الذي يستظلون به، لكونه ظلاً واسعاً تحت شجرة كبيرة مثلاً، فاعتاد الناس أن ينزلوا تحت مثل هذه الشجرة، فحينئذ لا يجوز لأحد أن يفسد ذلك عليهم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>