للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث: (إنه لا تفريط في النوم إنما التفريط في اليقظة)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري حدثنا أبو قتادة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر له، فمال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وملت معه، فقال: انظر.

فقلت: هذا راكب، هذان راكبان، هؤلاء ثلاثة.

حتى صرنا سبعة، فقال: احفظوا علينا صلاتنا -يعني صلاة الفجر-، فضرب على آذانهم فما أيقظهم إلا حرَّ الشمس، فقاموا فساروا هُنَيَّة ثم نزلوا فتوضئوا، وأذن بلال رضي الله عنه، فصلوا ركعتي الفجر، ثم صلوا الفجر وركبوا، فقال بعضهم لبعض: قد فرطنا في صلاتنا.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لا تفريط في النوم، إنما التفريط في اليقظة، فإذا سها أحدكم عن صلاة فليصلها حين يذكرها، ومن الغد للوقت)].

أي أن الحكم في ذلك أنه يأتي بها ويصليها إذا ذكرها، وأنه لا كفارة لها إلا ذلك، وذلك في أي وقت يذكرها فيه ولو كان في وقت نهي؛ لأن قضاء الفوائت في أوقات النهي جاء في السنة ما يدل عليه، وهو هذه الأحاديث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها: (من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك)، وقد سبق ذكر حديث أبي هريرة من طريقين، وفي أحد الطريقين ذكر الأذان مع الإقامة، وفي الآخر لم يذكر الأذان وإنما ذكرت الإقامة، وكل من الأذان والإقامة ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه قد جاء في حديث أبي هريرة من بعض الطرق، وجاء عن غير أبي هريرة كـ أبي قتادة وغيره.

وقد أورد أبو داود رحمه الله هنا حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه [(إن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر له، فمال رسول الله صلى الله عليه وسلم وملت معه، فقال: انظر.

فقلت: هذا راكب، هذان راكبان، هؤلاء ثلاثة.

حتى صرنا سبعة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: احفظوا علينا صلاتنا)] يعني: من يكون منتبهاً يحفظ لنا الصلاة حتى لا يخرج وقت الصلاة.

فناموا وما أيقظهم إلا حر الشمس، فمشوا، وبعد ذلك نزلوا وتوضئوا وصلوا الركعتين اللتين هما السنة الراتبة، ثم صلى بهم الصبح صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

قوله: [(فقال بعضهم لبعض: قد فرطنا في صلاتنا)] أي: حيث نمنا عنها وأتينا بها في غير الوقت.

فقال عليه الصلاة والسلام: [(إنه لا تفريط في النوم إنما التفريط في اليقظة)] يعني بذلك كون الإنسان يؤخر الصلاة وهو مستيقظ، فهذا هو المفرط، وأما من يؤخر الصلاة وهو نائم كهذا النوم الذي ناموه بعد التعب، وكانوا حريصين على أن لا تفوتهم الصلاة؛ حيث طلب منهم صلى الله عليه وسلم أن يحفظوا عليهم الصلاة -أي: أن يكونوا متنبهين حتى لا يغلبهم النوم ويتأخرون عن الصلاة، أو يخرج وقت الصلاة- فيؤدونها في غير وقتها، من كان ذلك حاله فإنه ليس بمفرط، فمن نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>