للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم إطلاق لفظ (سيدنا) على النبي صلى الله عليه وسلم]

السؤال

بالنسبة لتسييد الرسول صلى الله عليه وسلم خارج الصلاة، أيهما أفضل التسييد أو ترك ذلك؟

الجواب

الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم -وهم خير الناس- ما كانوا يستعلمون كلمة (سيدنا)، وكلمة (سيدي)، وإنما يوجد هذا عند المتأخرين، ولم يكن معروفاً عند صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والدليل على هذا أنك إذا قرأت (صحيح البخاري) أو (صحيح مسلم) أو (سنن أبي داود) أو (جامع الترمذي) أو (سنن النسائي) أو (مسند الإمام أحمد) الذي فيه أربعون ألف حديث أو غير ذلك، فإنك تجد الصحابي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، ولا تجد أنه قال: قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا.

وإنما يذكرون وصفه عليه الصلاة والسلام بالرسالة، وقد قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): (إن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكنيته حسن، وذكره بوصف الرسالة أحسن)، فكانوا يذكرونه بوصف الرسالة، وبوصف النبوة صلى الله عليه وسلم، ولم يكونوا يقولون: (سيدنا)، مع أنه سيدهم، وسيد الأولين والآخرين، وسيد الناس أجمعين عليه الصلاة والسلام، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر)، وقال: (أنا سيد الناس يوم القيامة)؛ وهو أيضاً سيد الناس في الدنيا، لكنه نص على الآخرة؛ لأنه يظهر سؤدده على الجميع من لدن آدم إلى الذين قامت عليهم الساعة، فقد ذكر حديث الشفاعة العظمى، ثم ذكر قيامه مقاماً يحسده عليه الأولون والآخرون، وذكر أنه يكون سيدهم عليه الصلاة والسلام، فقال: (أنا سيد الناس يوم القيامة).

وأما ما يفعله بعض الناس من كونهم لا يسمعون ذكر النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويقولون: سيدنا، ولا يسمعون ذكر صحابي من الصحابة إلا ويقولون: سيدنا، فهذا اللفظ لم يكن من ألفاظ الصحابة، ولهذا من قرأ كتب العلم وكتب الحديث لا يجد ذلك مع كثرتها وكثرت أحاديثها.

إذاً: فهذا من الأشياء الجديدة، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو سيدنا وسيد الخلق أجمعين، ولكن هل شرع لنا أن نقول هذا؟ وهل ينبغي لنا أن نفعل شيئاً ونلتزمه ولم يفعله السلف ولم يلتزموه؟ فهم أسبق الناس إلى كل خير، وأحرص الناس على كل خير.

<<  <  ج:
ص:  >  >>