للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حقيقة علو الله سبحانه وتعالى]

قوله: [(أفلا أعتقها يا رسول الله؟ قال: ائتني بها، فجئته بها، فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها، فإنها مؤمنة)].

وهذا يدلنا على أن خير الخلق وسيد الخلق صلى الله عليه وسلم سأل بأين الله؟ وأن ذلك سائغ وجائز، وأن الله تعالى في السماء.

والمقصود بالسماء العلو؛ لأن كل ما علا وارتفع فهو سماء، فلا يفهم من الحديث أن المقصود بالسماء، هي السماء المبنية، وأن الله تعالى تحويه السماوات، وأنه في داخل السماوات، لا، وإنما المقصود من ذلك العلو، ومن المعلوم أن كل ما علا وارتفع فهو علو، فبالنسبة لنا كل ما فوقنا هو سماء لنا، ومن المعلوم أن العرش فوقه علو، والله تعالى في العلو الذي فوق العرش، لا يحويه شيء من مخلوقاته ولا يحل في شيء من مخلوقاته، فهو مباين لمخلوقاته؛ لأن الله تعالى خلق الخلق وكان هو الموجود وحده، ولما خلقهم لم يحل فيهم ولم يحلوا فيه، بل هو مباين لهم وهم مباينون له، والله تعالى فوق العرش، وقد جاء القرآن الكريم بذلك: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك:١٦] أي: في العلو، فالجارية قالت: في السماء، أي: في العلو، والله سبحانه وتعالى في العلو فوق الخلق مستو على عرشه فوق خلقه، عال على جميع خلقه سبحانه وتعالى.

إذاً: كل ما علا، فهو سماء، وما دون العرش مخلوق، والله تعالى لا يحل في شيء مخلوق، والله عز وجل فوق العرش، وما فوق العرش هو الخلو والعدم، وليس فيه إلا الله عز وجل.

قوله: [(قال: وأنا من بني آدم آسف كما يأسفون)].

يعني: هذا اعتذار منه لفعله الذي فعل، قال: إنني غضبت وإني أسفت، والأسف هو الغضب، قال عز وجل: {فَلَمَّا آسَفُونَا} [الزخرف:٥٥] يعني: أغضبونا، فحصل له غضب، وأنه بسبب ذلك صك الجارية هذه الصكة.

أما الكلام في الصلاة نسياناً فإنه لا يؤثر، وإنما الذي يؤثر إذا تكلم عامداً، يقول عز وجل في النسيان: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:٢٨٦].

<<  <  ج:
ص:  >  >>