للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث: (كانوا يتيقظون ما بين المغرب والعشاء يصلون)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو كامل حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه في هذه الآية: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [السجدة:١٦] قال: كانوا يتيقظون ما بين المغرب والعشاء يصلون، وكان الحسن يقول: قيام الليل].

أورد أبو داود هذا الأثر عن أنس بن مالك رضي الله عنه في تفسير هذه الآية، وهي قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} قال: (كانوا يتيقظون ما بين المغرب والعشاء يصلون).

يعني أنهم يصلون الليل قبل العشاء وبعدها، ومعنى ذلك أنهم كانوا مستيقظين منتبهين في ذلك الوقت، لا ينامون ويعرضون صلاة العشاء للضياع والتأخر كما هو شأن المنافقين الذين ينامون ولا يصلون العشاء ولا يحضرون، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر) ولهذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكره النوم قبلها والحديث بعدها؛ لأن النوم قبلها يؤدي إلى ضياعها وتأخيرها، وخروجها عن وقتها، والتساهل فيها، وإذا كان الإنسان مستيقظاً فإنه يكون مصلياً في ذلك الوقت، ويكون في نفس الوقت متمكناً من أداء صلاة العشاء، فقد جاء عن بعض السلف كـ أنس وغيره من التابعين أنهم قالوا في قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} إن ذلك ما بين صلاة المغرب والعشاء.

كما جاء في هذا الأثر، وجاء أنها صلاة الليل، وهنا قال الحسن: هو قيام الليل، وليس معنى ذلك أن فعلهم هذا يكون قبل العشاء فقط؛ لأن الوتر لا يؤتى به إلا بعد العشاء.

نعم إذا جمع بين الصلاتين المغرب والعشاء جمع تقديم فله أن يصلي ما شاء ويوتر ولو لم يدخل وقت العشاء؛ لأن العشاء بها فحل الإتيان بالوتر والإتيان بصلاة الليل كاملة، بحيث يصلي الإنسان وينام وقد أتى بوتره وصلاته.

قوله: [وكان الحسن يقول: قيام الليل].

يعني أن الصلاة في قوله: ((تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ)) المقصود بها قيام الليل.

<<  <  ج:
ص:  >  >>